إعلام الربيع !

الذي فهمناه خلال يومين من متابعة اعلامية حثيثة, ان صداماً بين الجيشين الاردني والسوري حدث على حدودنا الشمالية.. وان النتيجة كانت مقتل جندي سوري, وجرح جنديين اردنيين!!
لنعد الى الفضائيات اياها, والى لندن والى مونت كارلو والى مئات الاذاعات والتلفزيونات, ونقرأ الخبر الموحد الذي تكرر مئات المرات قبل ان نكتشف ان صداماً عسكرياً لم يحدث, وان القصة قصة عائلة سورية هاربة بروحها من وطنها السوري الى وطنها الاردني, وان «حماة الديار» اطلقوا عليها النار وان وحدات الجيش الاردني ساعدتها.. فكانت الحصيلة مقتل طفل في الخامسة من العمر, شيعه مئات من مواطنينا.. ومسحوا بيد الرحمة على عائلته!! ولم يكن جندياً سورياً, وان احداً من جيشنا لم يجرح!
ترى أين وصل اعلامنا العربي في تصيده للاخبار «الدسمة»؟! أليس كل هذا الكذب الصراح هو تمنيات بأن يصطدم الجيش الاردني بالجيش السوري, أكثر منه خدمة المشاهد والسامع والقارئ في تقديم «المعلومة» اليه؟!
خبر واحد اخترناه من بين اكوام الاخبار المماثلة، ويبدو ان هناك جماعات في وطننا تعيش على هذا النمط من الاعلام، وان مساكين في عمان صاروا يعرفون متى يخرج الناس من المسجد، ومتى تبدأ «المظاهرات» وكيف تؤخذ الصورة بحيث يتحول المصلون الى متظاهرين.. ويتحول عشرات «الشبيحة السياسيين» الى آلاف المطالبين بالاصلاح واجتثاث الفساد!!.
منذ بدأت احداث سوريا قال عبدالله الثاني: لو كنت مكان الرئيس الأسد.. لذهبت الى البيت!! وهذا كلام واضح وصادق وشجاع، ويبدو ان عجزة السياسيين ومتسلقي التنظيمات المسلحة التي تحولت الى احزاب، صاروا يعتقدون ان من الممكن خلق حالة سورية في شوارع عمان واربد والكرك والطفيلة.. واقناع الاردنيين ان بلدهم قائم على القمع، وعلى الفساد وعلى النهب، وهذا لم يحدث لسبب بسيط هو ان النظام السياسي في الاردن لا يحمل مواصفات النظام السياسي في سوريا.. وكنا نلاحظ أن الجماعات المصابة بالعمى الفكري تبحث عن نقطة دم في الشارع, وانها كانت تتوسل رجال الامن لاطلاق رصاصة, لتصنع ثورتها الربيعية.. دون فائدة!!
هناك ما يستحق التدقيق في تفصيلات ما يجري في الوطن العربي. فالرقص وراء «الربيع العربي» لا يعني أن تغييرا حقيقياً يحدث في مناطق الانفجار.. في مصر وفي اليمن وفي ليبيا وفي تونس, ومن المؤكد ان حصيلة هذا التذابح في سوريا لن تكون افضل, ولهذا يقول رئيس وزراء الاردن بالصوت الملآن: نحن لسنا طرفاً في هذا الذي يجري في سوريا!!
(الرأي)