هل يستطيع مرسي أن يحكم؟

الرئيس المصري الجديد محمد مرسي يجد نفسه في مأزق سياسي واقتصادي مزدوج ، لا يستطيع الخروج منه، ولا تستطيع جماعة الإخـوان المسلمين أن تساعده في تقديم الحلول، بل إن شعاراتها تجعله أسيراً في السياسة والاقتصاد، تماماً كما أنه أسير لقيود السلطة وصراع القوى مع المجلس العسكري الأعلى الذي ما زال يمسك بيده بمعظم خيوط السلطة، وحق الفيتو في التشريع والموازنة العامة.
سياسياً وصل مرسي إلى الرئاسة المصرية على وقع الشعارات الإخوانية المرفوعة ضد التبعية للغرب وخاصة لأميركا ورفض معاهدة السلام مع إسرائيل، وشجب الحصار على غزة وإغلاق معبر رفح، ولكنه عملياً أكد الالتزام بالمعاهدة والمحافظة على السلام مع إسرائيل، كما طمأن الأميركان بأن حصار غزة مستمر.
في المجال الاقتصادي تعهد مرسي في برنامجه الانتخابي بأنه سيعكس السياسيات الفاسدة التي أدت إلى زيادة الأغنياء غنىً والفقراء فقراً، ومحاربة البطالة وتدبير صندوق لصالح العاطلين عن العمل، وضبط التضخم، ورفع معدل النمو الاقتصادي إلى 7% (حالياً 8ر1%) ، وتخفيض عجز الموازنة العامة من 10% إلى 6% من الناتج المحلي الإجمالي.
معظم الشعارات السياسية التي كان يرفعها الإخوان، وتجلب لهم الشعبية، سوف تنعكس في التطبيق رأساً على عقب، مما لا يحرج الرئيس فقط بل يحرج الجماعة أيضاً. ليس في مصر فقط بل في كل بلد عربي.
يعرف الجميع أن تحقيق الوعود الاقتصادية غير وارد، فلا تغيير في السياسيات الاقتصادية المطبقة، وسيضطر الرئيس للتوقيع على قروض (ربوية) من صندوق النقد الدولي بالفائدة المقررة، وأن يقبل شروط الصندوق ليستحق القرض. بالمناسبة نذكر أن سعر الفائدة على سندات الخزينة المصرية ارتفع إلى مستوى 16% بسب ارتفاع منسوب المخاطر وتوقعات التضخم المتصاعد.
أميركا بشخص وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون قامت بدور فعال لتوضيح المواقف بين مصر وإسرائيل، وقد نقلت تطمينات مرسي إلى تل أبيب مما أسعد المسؤولين الإسرائيليين، ويقال إنها تسعى الآن لتأمين دعوة نتنياهو لزيارة القاهرة قبل أن يبدأ الضغط على الرئيس المصري لرد الزيارة في مرحلة لاحقة!!.
ما أسهل المعارضة وإطلاق الشعارات الرنانة والوعود السخية، وما أصعب المسؤولية والواقع والاستعداد للتخلي عن الشعارات والوعود كثمن للسلطة.
(الرأي)