بالكيماوي يا بشار

لم يتدخل العالم الخارجي (حتى الآن) لإنهاء الكارثة المروعة والمجازر البشعة بحق الإنسانية، وضاعت بذلك على النظام السوري فرصة استخدام السلاح الكيماوي. فقد وعدنا النظام السوري، على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية جهاد مقدسي، بألا يستخدم النظام الأسلحة الكيماوية إلا في حالة العدوان الخارجي. وطبعا لن يخطر على بال أحد أن يستخدم النظام السوري السلاح الكيماوي ضد إسرائيل أو الغرب أو تركيا، سيستخدمه بالطبع ضد عاصمته ومدنه وشعبه. ولعله النظام السياسي الوحيد في التاريخ والجغرافيا الذي يدمر عاصمته على سكانها، ثم يلحق بها العاصمة الاقتصادية. وهما ابتداء (دمشق وحلب) تشكلان عقدة نقص لعصابة النظام السوري؛ فهما أكبر بكثير من النظام الطائفي، وتشعرانه بالاحتقار. ولعل هذه مشكلة الأسد (العائلة) مع دمشق وحلب، أنهما ما تزالان تلفظانه، ويشعر تجاههما بحقد كبير ورغبة كبيرة في الانتقام. ولعله يتمنى أن يدمرهما بالكيماوي، فالقرداحة تكفيه!العالم كله اليوم يتحمل مسؤولية إنسانية كبرى، ليس فقط لوقف المجازر البشعة، ولكن أيضا لتخليص البشرية من وحوش آدميين لا يكاد عقل الإنسان وتصوره يقوى على احتمال واستيعاب البشاعة والانحطاط والإجرام في تفكيرهم وسلوكهم. والأكثر عجبا وغرابة أن هذه القسوة والوحشية الخيالية وغير المسبوقة في التاريخ لم تنل في يوم من الأيام من الاحتلال والمحتلين، ولم تتطور أبدا إلى إطلاق رصاصة ولو طائشة في وجه الغارات والتحرشات الإسرائيلية في سورية ولبنان، واغتيال القادة السياسيين والعسكريين من سورية ولبنان وفلسطين، أو لأن تتصدى للطيران الإسرائيلي الذي اقترب من قصر الرئاسة في دمشق في رسالة ذات مغزى.مشهد اختطاف الشعب السوري (25 مليون نسمة) بأكمله، والتهديد بحرقه وإبادته وتدمير مدنه وقراه، مثل صورة مكبرة ملايين المرات لرجل العصابة في الأفلام الأميركية الذي يضع مسدسه على رأس امرأة أو طفلة مهددا بقتلها، وأحيانا تكون زوجته أو ابنته، ودائما توحي في الأفلام بوحشية الخصم واستعداده لعمل أي شيء. ولكن الخيال الهوليودي لم يكتشف بعد الرجل الذي يختطف خمسة وعشرين مليونا، ويهدد بإبادتهم، ولعله يفضل ذلك ويستمتع به. فقبل ثلاثين سنة، دكت سرايا حافظ الأسد مدينة حماة على ساكنيها وأبيد منهم عشرات الآلاف. وفي حادثة أخرى لا تقل بشاعة ووحشية، اقتحمت سرايا الدفاع بقيادة رفعت الأسد (صارت الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد) سجن تدمر وقتلت ألف سجين أعزل. لنحاول تخيل المشهد والقدرة النفسية الهائلة لدى نظام الأسد وسراياه وشبيحته على قتل معتقلين عزل لا يملكون من أمرهم شيئا.. صحيح أن الأمر مضى، وغفرت حركات إسلامية ذلك للأسد.. ولكن الله لا ينسى!
(الغد)