ناجي علوش سوف نفتقدك

تم نشره الإثنين 30 تمّوز / يوليو 2012 01:12 صباحاً
ناجي علوش سوف نفتقدك
اسامة الرنتيسي
أول مرة تعرفت فيها إلى ناجي علوش عن قرب كانت على متن باخرة بولندية استأجرتها الحكومة الليبية لنقل المشاركين العرب في مؤتمر الحوار الثوري العربي الديمقراطي في عام 1993 من مالطا إلى مدينة طرابلس الليبية.
 كانت الرحلة إلى ليبيا في زمن الحصار تتطلب السفر من عمان إلى دمشق ومنها إلى مالطا. وبعد مكوث يومين في العاصمة المالطية فاليتا، أقلتنا إلى العاصمة الليبية طرابلس باخرة أوروبية (5 ستار) تحمل عدداً من القيادات الثورية العربية للمشاركة في أعمال المؤتمر، الذي صممه زعيم الحزب الشيوعي اللبناني السابق المرحوم جورج حاوي وسمسر عليه لعدة سنوات. وكان ينظم رحلة حج إلى ليبيا كل عام لمئات المناضلين العرب، بهدف كسر الحصار الدولي والمشاركة في المؤتمر الثوري.
 ومن عمان حتى الوصول إلى طرابلس كان ناجي علوش مختلفا عن الجميع، لم يترك الكتاب من يده لحظة. كان له شاربان مميزان، وثقة لا يتنازعها أحد، وصمت المفكر.
 لم يشارك في جلسات العصف السياسي التي يتقنها المناضلون، واستمر في التهام كتاب لا أتذكر اسم كاتبه الآن، وعنوانه "الديمقراطية في العالم العربي" . مازحته يومها قبل أن أجالسه، قائلا: أعتقد أنك تريد ان تنهي قراءة الكتاب قبل الوصول إلى ليبيا لتشاهد التجربة على أرض الواقع. فضحك قليلا وقال: يا بني، إنها حكايات الأحلام.
 لم اترك أبا إبراهيم لصمته وكتابه، فحاولت أن أتعرف إليه أكثر، لأن اسمه راسخ في عقلي منذ سنوات، ولم أسمع يوما نقدا لهذا الرجل رغم كثرة المنافسين له.
 كان مناضلا من نوع خاص، ومفكرا بطريقة واقعية، وكان ثوريا لا يبدل السلاح من كتف إلى كتف مثلما فعل كثير من المناضلين، وكان معلما نادرا ما يتكرر.
 منذ 14 عاما ابتلي أبو إبراهيم بالمرض الذي أقعده عن مواصلة النضال والمشاركة بفعالية في المهرجانات والمسيرات، لكنه لم يقعده عن القراءة ومتابعة الأحداث السياسية.
 لقد عرفت اسم ناجي علوش من أصدقاء وشخصيات من مدينة الفحيص التي عمل في مدارسها في منتصف الخمسينيات، ولا يزال ذكره الطيب على ألسنة طلابه وزملائه حتى الآن.
 يا أبو إبراهيم، يمكنك أن تستريح الآن بعدما بدأت ملامح الديمقراطية تقترب أكثر من الشعوب العربية، لقد وقعت انتخابات حرة ونزيهة في ليبيا. هل تصدق ذلك أيها الرفيق الجميل؟ وها هي مصر تولد من جديد، لكن على قاعدة (اللي ما بيحضر ولادة ثورته بتجيب سلفي)، وها هو الشعب السوري يرسم ملامح بطولة في حلب بعد أن خط ربيعا جديدا لريف دمشق.
 يا أبو إبراهيم، في هذا الزمن الجميل سوف نفتقدك، لكن تراثك الفكري والنضالي سوف يبقى معلما للأجيال المقبلة. وإنه لجاحد وناكر للجميل ذاك الذي يدعي أن الصحوة العربية بعد بيات شتوي استمر أربعين عاما ليست نتاجاً للفكر اليساري الديمقراطي الثوري الذي عشت من أجله.
 ناجي علوش، عليك الرحمة وما بدلت تبديلا.
( العرب اليوم )


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات