الانتخابات الليبية نقطة تحول

شهدت ليبيا مؤخراً أول انتخابات برلمانية منذ خمسين عاماً، تم تنظيمها بعد وقت قصير نسبياً من نجاح الثورة وإسقاط نظام القذافي.
لم تنل هذه الانتخابات نصيباً عادلاً من التحليل بالرغم من أنها تمثل نقطة تحول في الاتجاه العام سيكون له ما بعده، ليس في ليبيا فقط بل في العالم العربي كله أيضاً.
كان المتوقع أن تكون الانتخابات الليبية تكراراً للانتخابات العامة في كل من تونس ومصر، وإلى حد ما المغرب، أي نجاح كاسح لمرشحي الإخوان المسلمين وحلفائهم، الذين استطاعوا اجتذاب الرأي العام مستغلين المشاعر الدينية البريئة والشعارات الرنانة والوعد بأن يكونوا النقيض الجاهز لأنظمة الاستبداد والفساد التي سادت ثم بادت.
في الانتخابات الليبية فاز التجمع الليبرالي برئاسة محمود جبريل رئيس أول حكومة مؤقتة في ليبيا بعد الثورة، وحصل على 39 مقعدأً من أصل 80، مقابل 17 مقعداً ناله الإخوان المسلمون والسلفيون وحلفاؤهم. ومع أن التجمع الليبرالي لم يظفر بالأغلبية المطلقة إلا أنه من المؤكد أنه الوحيد المؤهل للحكم في المرحلة المقبلة لسهولة استمالة نائب مستقل أو أكثر.
بعد الانتخابات الليبية لم يعد الربيع العربي أو الديمقراطية تعني أتوماتيكياً تسليم السلطة للإسلاميين، خاصة وأنهم لم يقدموا برنامجاً مقنعاً لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المجتمعات العربية، فضلاً عن أنهم تخلوا عن براءتهم بالتعاون مع أميركا، وإصدار التطمينات لإسرائيل، واهتزاز الثقة بقدرتهم على حماية الحرية الفكرية، وعدائهم التقليدي للمرأة والأقليات الدينية المذهبية وحقوق الإنسان.
شارك في التصويت 65% من المواطنين الذين يحق لهم الاقتراع، وهي نسبة جـيدة، ولم تكن الانتخابات ديمقراطية بنسبة 100% فليبيا ليست سويسرا، وما زال التصويت يتأثر بالاعتبارات العشائرية، كما أن جبريل نفسه ينتمي لأكبر قبيلة ليبية، ولم تخلُ العملية من اعتداءات عشائرية في الجنوب، واضطرابات إقليمية في الشرق، ولكنها بشهادة مراقبين دوليين كانت حرة ونزيهة وعادلة.
الناخب الليبي اتعظ بما رآه من نتائج أولية لصعود الأحزاب الدينية في كل من تونس ومصر، فماذا ستكون النتائج في الانتخابات العامة القادمة في البلدين فيما إذا جرت انتخابات بعد وصول هذه الأحزاب إلى الحكم.
الإخوان في الأردن فضّـلوا مقاطعة الانتخابات على الخضوع للاختبار الديمقراطي لحجمهم الحقيقي الذي قد لا يزيد عن 20%. ( الرأي )