قارب النجاة يهتز
تم نشره الخميس 02nd آب / أغسطس 2012 01:33 صباحاً

جهاد الخازن
الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو الزعيم العربي الوحيد الذي قلت عنه يوماً أنه بطل، وهي صفة ربما يستحق أن يحملها آخرون مثل الشيخ زايد رحمه الله، إلا أنني استعملتها لسبب واضح هو تهديد ولي العهد السعودي في حينه جورج بوش الإبن بأن تفصل السعودية سياستها عن أي علاقة مع الولايات المتحدة، فيتابع كل من البلدين السياسة التي تخدم مصلحته. وكان أن أذعنت الإدارة الاميركية وأعلنت أن سياستها دولتان، فلسطين واسرائيل، تعيشان جنباً الى جنب، وهي السياسة الاميركية الوحيدة والباقية حتى اليوم.
لا أنصح الملك عبدالله بأن يهدد الإدارة الاميركية اليوم لأن من شأن ذلك أن يؤثر في سير الانتخابات، وإنما أقترح أن ينتظر حتى يفوز باراك اوباما بولاية ثانية، أو يهزمه ميت رومني، ليعلن الملك موقفه.
أتكلم في شكل عام ولا أدعي أبداً أن عندي حلولاً لم يفكر بها أحد غيري، وأعرف أن في الديوان الملكي خبراء متمرسين ومستشارين يتابعون كل صغيرة وكبيرة، واقتراحي، مع حاجته الى تشذيب وتهذيب، هو أن يعلن الملك عبدالله بعد أيام قليلة من الانتخابات الاميركية في أول ثلثاء من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل أن المملكة العربية السعودية ستُنتج من البترول ما يناسب حاجات المواطنين، والإلتزامات السعودية حول العالم، وليس ما يناسب حاجات الولايات المتحدة أو غيرها.
لا أطلب حظراً نفطياً، ولا مجرد التهديد به، فالدول العربية هذه الأيام لا تجتمع على رأي، والدول المنتجة للنفط لن تصل الى قرار مشترك، وكل ما أطلب هو أن تنتج المملكة العربية السعودية من مادة ناضبة ما يخدم مصالحها، وتترك للأجيال المقبلة نصيباً من خيرات البلاد.
الموقف السعودي سيأتي والأزمة المالية العالمية تتفاقم، وآخر ما يريده أي رئيس اميركي هو أن يهتز قارب النجاة الذي يحمل الإقتصاد العالمي، فيما الماء يتسرب اليه من اليونان يوماً، ومن اسبانيا والبرتغال يوماً آخر، وربما من ايطاليا غداً.
باراك اوباما سيستفيد من هذا الموقف السعودي، حتى لو عارضه علناً، لينتهج سياسات تخدم مصالح اميركا وحدها، وحجته أنه لا يريد دخول حرب اقتصادية خاسرة، وإطلاق أزمة جديدة تؤدي الى خفض الإنتاج وارتفاع الأسعار. وميت رومني سيعرف حدوده أيضاً، لأنه لن يفوز إلا إذا أقنع غالبية من الاميركيين بأنه يستطيع قصم ظهر الأزمة المالية، ووضع الاقتصاد الاميركي على طريق المعافاة. وهو في البيت الأبيض سيعمل لحل المشكلة الاقتصادية لا زيادتها أضعافاً.
ونقطة أخيرة، فالموقف الذي أقترحه، من دون حظر نفطي أو تهديد به، لا يستطيع أن يقوم به أحد غير المملكة العربية السعودية بصفتها أكبر منتج للنفط، والملك عبدالله لشهرته أنه صادق ويعني ما يقول دائماً، فهو لا يكذب، بل لم يُتهم بالكذب يوماً، والصديق والعدو يدركان أنه إذا قال فعل.
بصراحة، أريد أن يعود باراك اوباما الى البيت الأبيض في ولاية ثانية حرة من ضغوط اللوبي، وأشعر بأن شكوك أنصار اسرائيل في حقيقة نواياه لها ما يبررها. أما فوز رومني فهو يعني عودة إدارة جورج بوش الإبن باسم آخر، ولكن مع أركان عصابة الحرب في موقع الحكم، بدل أن يكونوا في معتقل غوانتانامو بانتظار محاكمتهم بتهمة قتل مليون عربي ومسلم عمداً.
ميت رومني كان قسّاً في طائفة المورمون ومبشراً، وهو حليف بنيامين نتانياهو وصديقه منذ 30 سنة، لذلك أرى أنه يحتاج الى صفعة نفطية ترده الى صوابه وحجمه الطبيعي.
وعلاقته مع نتانياهو تذكرني بالمثل «قل لي مَنْ تعاشر أقل لك مَنْ أنت» وهو مثل ينطبق أيضاً على ممولي حملة المرشح الجمهوري، فلا سرّ هناك إطلاقاً في أن أكثرهم من المحافظين الجدد والليكوديين الاميركيين، وقد أسسوا لجان عمل سياسي (سوبرباكس) مع تمويل هائل كما نرى كل يوم في إنفاقهم على الدعايات التلفزيونية، خصوصاً في الولايات حيث الناخبون منقسمون مناصفة تقريباً بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي. وهم لا يخشون التصريح بهويتهم فآخر «إنجازاتهم» جماعة «يهود يؤيدون الحزب الجمهوري» ويأملون بقبض ثمن التأييد المالي.
على سبيل التذكير، كان بيل كلينتون وجورج بوش الابن وعدا بنقل السفارة الاميركية الى القدس ثم تراجعا، والملك عبدالله بن عبدالعزيز سيعزز إرثه السياسي إذا استبق رومني وكرر الموقف المعلن للقمم العربية بقطع العلاقة مع أي دولة تنقل سفارتها الى القدس. الولايات المتحدة تحتاج الى المملكة العربية السعودية، ولكن الرياض لا تحتاج الى واشنطن.
أرجو أن يهز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العصا في وجه هؤلاء جميعاً فهو في موقف قوة، وشعبه يؤيده بغالبية مطلقة، ولا يمكن منطقياً أن يُلام رئيس دولة يعمل لمصلحة شعبه قبل مصالح الآخرين.
(الحياة اللندنية )
لا أنصح الملك عبدالله بأن يهدد الإدارة الاميركية اليوم لأن من شأن ذلك أن يؤثر في سير الانتخابات، وإنما أقترح أن ينتظر حتى يفوز باراك اوباما بولاية ثانية، أو يهزمه ميت رومني، ليعلن الملك موقفه.
أتكلم في شكل عام ولا أدعي أبداً أن عندي حلولاً لم يفكر بها أحد غيري، وأعرف أن في الديوان الملكي خبراء متمرسين ومستشارين يتابعون كل صغيرة وكبيرة، واقتراحي، مع حاجته الى تشذيب وتهذيب، هو أن يعلن الملك عبدالله بعد أيام قليلة من الانتخابات الاميركية في أول ثلثاء من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل أن المملكة العربية السعودية ستُنتج من البترول ما يناسب حاجات المواطنين، والإلتزامات السعودية حول العالم، وليس ما يناسب حاجات الولايات المتحدة أو غيرها.
لا أطلب حظراً نفطياً، ولا مجرد التهديد به، فالدول العربية هذه الأيام لا تجتمع على رأي، والدول المنتجة للنفط لن تصل الى قرار مشترك، وكل ما أطلب هو أن تنتج المملكة العربية السعودية من مادة ناضبة ما يخدم مصالحها، وتترك للأجيال المقبلة نصيباً من خيرات البلاد.
الموقف السعودي سيأتي والأزمة المالية العالمية تتفاقم، وآخر ما يريده أي رئيس اميركي هو أن يهتز قارب النجاة الذي يحمل الإقتصاد العالمي، فيما الماء يتسرب اليه من اليونان يوماً، ومن اسبانيا والبرتغال يوماً آخر، وربما من ايطاليا غداً.
باراك اوباما سيستفيد من هذا الموقف السعودي، حتى لو عارضه علناً، لينتهج سياسات تخدم مصالح اميركا وحدها، وحجته أنه لا يريد دخول حرب اقتصادية خاسرة، وإطلاق أزمة جديدة تؤدي الى خفض الإنتاج وارتفاع الأسعار. وميت رومني سيعرف حدوده أيضاً، لأنه لن يفوز إلا إذا أقنع غالبية من الاميركيين بأنه يستطيع قصم ظهر الأزمة المالية، ووضع الاقتصاد الاميركي على طريق المعافاة. وهو في البيت الأبيض سيعمل لحل المشكلة الاقتصادية لا زيادتها أضعافاً.
ونقطة أخيرة، فالموقف الذي أقترحه، من دون حظر نفطي أو تهديد به، لا يستطيع أن يقوم به أحد غير المملكة العربية السعودية بصفتها أكبر منتج للنفط، والملك عبدالله لشهرته أنه صادق ويعني ما يقول دائماً، فهو لا يكذب، بل لم يُتهم بالكذب يوماً، والصديق والعدو يدركان أنه إذا قال فعل.
بصراحة، أريد أن يعود باراك اوباما الى البيت الأبيض في ولاية ثانية حرة من ضغوط اللوبي، وأشعر بأن شكوك أنصار اسرائيل في حقيقة نواياه لها ما يبررها. أما فوز رومني فهو يعني عودة إدارة جورج بوش الإبن باسم آخر، ولكن مع أركان عصابة الحرب في موقع الحكم، بدل أن يكونوا في معتقل غوانتانامو بانتظار محاكمتهم بتهمة قتل مليون عربي ومسلم عمداً.
ميت رومني كان قسّاً في طائفة المورمون ومبشراً، وهو حليف بنيامين نتانياهو وصديقه منذ 30 سنة، لذلك أرى أنه يحتاج الى صفعة نفطية ترده الى صوابه وحجمه الطبيعي.
وعلاقته مع نتانياهو تذكرني بالمثل «قل لي مَنْ تعاشر أقل لك مَنْ أنت» وهو مثل ينطبق أيضاً على ممولي حملة المرشح الجمهوري، فلا سرّ هناك إطلاقاً في أن أكثرهم من المحافظين الجدد والليكوديين الاميركيين، وقد أسسوا لجان عمل سياسي (سوبرباكس) مع تمويل هائل كما نرى كل يوم في إنفاقهم على الدعايات التلفزيونية، خصوصاً في الولايات حيث الناخبون منقسمون مناصفة تقريباً بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي. وهم لا يخشون التصريح بهويتهم فآخر «إنجازاتهم» جماعة «يهود يؤيدون الحزب الجمهوري» ويأملون بقبض ثمن التأييد المالي.
على سبيل التذكير، كان بيل كلينتون وجورج بوش الابن وعدا بنقل السفارة الاميركية الى القدس ثم تراجعا، والملك عبدالله بن عبدالعزيز سيعزز إرثه السياسي إذا استبق رومني وكرر الموقف المعلن للقمم العربية بقطع العلاقة مع أي دولة تنقل سفارتها الى القدس. الولايات المتحدة تحتاج الى المملكة العربية السعودية، ولكن الرياض لا تحتاج الى واشنطن.
أرجو أن يهز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العصا في وجه هؤلاء جميعاً فهو في موقف قوة، وشعبه يؤيده بغالبية مطلقة، ولا يمكن منطقياً أن يُلام رئيس دولة يعمل لمصلحة شعبه قبل مصالح الآخرين.
(الحياة اللندنية )