الحكومة تشوش على الملك

حكومة فايز الطراونة تزعجها أي إشارة تنبئ باحتمال مراجعة الملك قانون الانتخابات أو لموعدها، وهي بذلك تسجل لنفسها علامة متميزة في الانضواء تحت لواء قوى الشد العكسي، وحزب توتير المجتمع.
ما تسرب من سهرة الملك في منزل مروان دودين، وتفهمه الملاحظات التي أبديت على القانون أزعج الحكومة، وجعلتها تبادر إلى حملة تشويش تؤثر بها في احتمال ما تغير في ذهن رأس الدولة.
بعد اللقاء اشتد لسان الحكومة وتصلب، وأعلنت على لسان رئيسها الطراونة وناطقها الرسمي المعايطة أنه لا تأجيل للانتخابات، ولا تعديل محتمل على القانون، مغلقةً بذلك الأبواب التي لا تملك هي إغلاقها.
ما أزعج الحكومة أيضا وجعلها تؤكد التشويش رسالة حزب الجبهة الأردنية الموحدة الموقعة من 500 شخصية مستقلة ذات اعتبار، التي قرأها الملك في طائرته المتوجهة للكويت، وهي تطالب بمراجعة القانون، وتحذر من المقاطعة.
موقف الحكومة المتشدد من الانتخابات ومن قانون الصوت الواحد له أسباب كثيرة، لكن ما يظهر أخيرا أنها بدأت تتحدى المقاطعين لمجرد التحدي، دون اعتبارات موضوعية أو سياسية ناضجة.
حالة الرفض للقانون تكاد تكون كبيرة، لكن الحكومة وبعقلية غير المسؤول المغامر تحاول أن تنشئ استقطاباً وانقساماً عامودياً وأفقياً حول الانتخابات.
هذا السلوك لا أراه سويا ولا مسؤولا؛ فالرأي العام وتوجهاته يفرض على الحكومة التعاطي معه بحيوية وديناميكية، لكن حكومتنا تستهدفه، وتحاول أن تكون نداً له، وتحيك كل الاتصالات من أجل تقسيم الناس، ولا تفكر للحظة بالتوافق إطارا يمكن أن يحل الإشكالات.
مصلحة البلد فوق كل اعتبار، والذهاب إلى الانتخابات في ظل المقاطعة، وحالة الاستقطاب التي تشارك بها الحكومة ما هي إلا مغامرة قد يكون لها تبعات سلبية كبيرة.
أما ما يصلنا من أخبار عن تحسس الملك مثل تلك المخاطر، وبداية تغير في قناعاته من موضوع القانون، أو موعد الانتخابات فهو أمر ايجابي، لكن للأسف تحاول الحكومة التشويش، والتهويش عليه بإسفاف غريب ومستهجن.
الملك يبدي إشارة ايجابية تنفرج لها السرائر، وفجأة الحكومة تتشدد، وعليه إما أن يكون الأمر من الحكومة ضغطاً على القصر، أو أن يكون تبادل أدوار وهو ما لا نتمناه.
( السبيل )