مئة وثلاثون دولة تدين النظام السوري

تصويت الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة على مشروع القرار الذي يدين النظام السوري باستخدامه العنف والأسلحة الثقيلة ضد شعبه وفي قتل المدنيين، يمثل ضربة موجعة للنظام، حيث صوت (133) دولة مع القرار مقابل (13) دولة ضده، ما يشير بطريقة حاسمة إلى فقدان النظام شرعيته الدولية والعالمية في الوقت الذي فقد فيه شرعيته الداخلية منذ وقت مبكر، عندما قرر خوض معركته اليائسة ضد شعبه للحفاظ على الكرسي حتى لو أدى إلى تدمير الدولة وتمزيقها شر ممزق.
قرار الجمعية العمومية بهذه الأغلبية الساحقة ليس ملزماً وهو مجرد توصية، حسب نظام الأمم المتحدة المتخلف الذي يعطي "مجلس الأمن" حق الالزام فقط، بل إن قرار الجمعية العمومية أدان أيضاً مجلس الأمن لعجزه عن حل المشكلة السورية وعجزه عن الوصول إلى اتفاق يحمي الشعب السوري من بطش النظام ودمويته المرعبة، ومع ذلك فإن القرار يحمل دلالات كبيرة ومؤشرات حاسمة على فشل النظام وفشل آلته الإعلامية وفشل كل مؤيديه في إقناع العالم بأنه يحارب "عصابات إرهابية" على حد زعمه، ويبطل زعم المؤامرة الكونية والمفبركة بطريقة متخلفة.
إن الأغلبية الساحقة من الجمعية العمومية للأمم المتحدة هي نفسها التي أدانت "ألجرائم الإسرائيلية" ضد الشعب الفلسطيني، وكانت أمريكا ومجموعة دول متحالفة معها ضد القرار، فليس معقولاً أن (133) دولة متآمرة على سورية!! أو أنها مؤامرة كونية عليها حسب تصريحات وزير الخارجية السوري من طهران، وكما يروج مؤيدو النظام في كل مكان وفي كل زمان.
إن أمريكا والتحالف الغربي الذين اتبعوا مبدأ استخدام القوة لحماية الشعوب واستخدموه فعلاً في أكثر من موقع أكثر من مرة، أحجموا عن استخدامه لحماية الشعب السوري مع أنه أكثر تطبيقاً للمبدأ السابق، مما يدل دلالة واضحة على أن الأمر ليس بتلك السذاجة التي تصورها الأبواق الاعلامية للنظام! وإلاّ كيف يتم تفسير وقوف النظام العراقي الحالي الأمريكي صناعة وسياسة ودماً ولحماً إلى جانب النظام السوري، ودعمه له الذي قدر بعشرة مليارات دولار، إضافة إلى امداده بمليشيات القتل لدعم جهاز "شبيحة الأسد" الهمجيّة، وكيف يفسر لنا الاعلاميون الذين يستندون إلى قاعدة الفكر القومي وقوف النظام السوري ضد نظام "صدام حسين" البعثي القومي في الحرب الأمريكية على العراق، وفي المقابل الآن يعيش العلاقة الحميمية، بينه وبين النظام العراقي القائم على انقاض النظام القومي السابق.
كل الأطراف الدولية والإقليمية كانت تريد بقاء المعادلة السياسية السابقة في سورية والتي كانت تشكل معادلة مستقرة لإسرائيل وإيران وتركيا على الصعيد الإقليمي، ولروسيا والغرب على الصعيد العالمي، وأعطوا نظام الأسد الفرصة كاملة والوقت الكافي والغطاء الكامل ليمارس كل ما لديه من قوة لاخماد ثورة الشعب السوري، ولكنهم الآن يمارسون لعبة الاحتواء من أجل الحفاظ على مصالحهم في صورة الدولة الجديدة، والعامل الحاسم الوحيد في قلب المعادلة هو الشعب السوري وحده وصموده الأسطوري، وقدرته على حسم الموقف بقدراته الذاتية، من دون انتظار التدخل من أي طرف اقليمي أو دولي الذين ينتظرون سقوط النظام أو بقاءه.
( العرب اليوم )