عبيدات الفرصة الأخيرة

تم نشره الإثنين 06 آب / أغسطس 2012 12:40 صباحاً
عبيدات الفرصة الأخيرة
اسامة الرنتيسي


كان يمكن لرئيس الجبهة الوطنية للإصلاح رئيس الوزراء ومدير المخابرات السابق، أحمد عبيدات، أن يشكل منفذا آمنا ونقطة توازن في مرحلة انسداد أفق التوافق على القضايا الوطنية الكبرى، وقضية الانتخابات تحديدا.
 عبيدات الشخصية الوطنية التي التفّت حوله التيارات السياسية (الإسلامية واليسارية والقومية) والشخصيات المستقلة والنقابات المهنية كلها، ليقود الجبهة الوطنية للإصلاح، أضاع لحظة حقيقية بأن يكون العنوان المطلوب عندما تُغلق الطرق في وجه الحلول السياسية، ويكون ملجأ الدولة قبل أن يكون ناطقا فعليا باسم المعارضة.
 خطأ إستراتيجي ارتكبه عبيدات عندما انحاز مبكرا إلى قوى مقاطعة الانتخابات النيابية، وكان منذ ترؤسه الجبهة أقرب إلى توجهات الحركة الإسلامية، ولم يعمل كنقطة توازن بين معظم القوى والتيارات داخل الجبهة، فخسر أن يكون قائدا يتمتع بمساحة من الحياد والاستقلالية عندما يتطلب الأمر ذلك.
 فبعد موقفه المباشر من قضية الانتخابات وإعلانه المقاطعة، خسر باب الحوار مع الأطراف الأخرى، إن كان داخل الجبهة من التيارات الأخرى، او حتى من الأطراف الرسمية، فعلى ماذا تحاوره الآن بعد أن استعجل في قراره وسبق القوى المتطرفة والنزقة داخل الجبهة الوطنية للإصلاح.
 كانت فكرة إنشاء الجبهة الوطنية للإصلاح عبقرية، وتجلت العبقرية أكثر عندما انزاحت القوى الحزبية عن السيطرة على قيادة الجبهة، وسمحت لشخصية تتمتع بكاريزما الزعامة رغم الاختلافات في تقويمها ومراحل عملها مثل احمد عبيدات، كما سمحت لشخصيات وطنية مستقلة من تقلُّد المناصب القيادية في الجبهة، وجلس ممثلو الأحزاب في اجتماعات الجبهة إلى جانب المستقلين الذين يمثلون أنفسهم، ولم يفكروا يوما في تجاوز العمل الجبهوي، لكن ما حصل من توظيف سياسي للموقف النزق من الانتخابات أفقد الجبهة مبرر وجودها، ولا نستغرب إذا ضغطت الظروف السياسية أكثر في المرحلة المقبلة أن نسمع عن انشقاقات وخروج على مواقف الجبهة من قبل الأحزاب المنضوية تحت عباءتها.
 ليحتمل الباشا عبيدات العتب قليلا، فقد كان بإلامكان أن يكون فعلا منفذا آمنا للخروج من حالة انعدام الوزن التي تعيشها الأوضاع السياسية الحالية، وكان من الممكن أن يكون محسوبا على المعارضة، ولا مانع من أن يكون صوتها المتزن العاقل عند الدولة، في زمن نفتقد فيه كثيرا إلى العقلاء.
 قلت سابقا إن «النوايا الطيبة ربما لا تكون الطريق السليم إلى الجنة، لذا فإن التوافق على الهدف لا ينفي ضرورة التوافق على الجامع الوطني للإصلاح، والتوافق أيضا على كيفية إدارة حالة التبعثر التي وسمت الحراك الشعبي، والأهم من كل هذا هو ألا يكون هدف إطلاق الجبهة مجرد رسائل وردود فعل، وأن يتم المضيّ فيها إلى النهاية»، وأكرر اليوم ألا تكون جسرا لبعض المغامرين الذين لا يستطيعون تحقيق مغامراتهم من داخل أطرهم الحزبية، ويحلمون أن يحققوها من رحم الجبهة الوطنية للإصلاح.
 لكن ورغم كل ما حصل، وعندما تضيق مساحات الانفراج، تستدعي البلاد رجالاتها ومواقفهم، ولا تزال الفرصة امام عبيدات وغيره من العقلاء حاضرة لاخراجنا من النفق الذي نسير فيه.

( العرب اليوم )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات