تطهير دمشق وأحمد زيدان من حلب

الجيشان الحر والنظامي في سوريا يخوضان عمليا حرباً أهلية على أرض الواقع؛ لأن القتلى والجرحى من الجانبين جراء المواجهات بينهما، أو من المدنيين الذين يسقطون في الشوارع والبيوت جراء القصف هم من أبناء الشعب السوري.
وهي حرب لم يعد مهماً معها الآن من الذي سيحسم النهاية، فهي متروكة ومفتوحة عمداً لإيقاع أكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية؛ إذ إن الإسرائيلي ومعه الأمريكي والروسي لا يهمهم أن تكون خسائر بلا هوادة، ونزيف دافق من السوريين الذين هم ليسوا في واقع الأمر محل اهتمام وحرص عليهم من أي اطراف دولية مهتمة، او عربية رسمية تدور في فلكها.
التطورات الميدانية ليوم أمس تتحدث عن تطهير الجيش النظامي لدمشق من الجيش الحر، وعن سيطرة الأخير على مزيد من الأحياء في حلب التي فيها مراسل للجزيرة، وان النظامي يعد العدة للانقضاض لتطهيرها، وان القتلى في ادلب على ارتفاع، وان درعا ترزح تحت وطأة الحصار، وحمص وحماة خاويتان، وحال المدن والمناطق السورية على ذات الحال من السوء والقتل المتبادل بين السوريين، فأي ثورة هذه! وأي نظام هذا اللذان يتبادلان القتل السوري السوري!
الثورات في التاريخ ليس منها ما هو مثيل لما يجري في سوريا، الفرنسية فجرها الشعب بوجه الملك، والروسية اطلقتها النخب والتف حولها الجيش والشعب لإسقاط الامبراطور، والكوبية ضد الحكم الفاسد وقادها الثوار اليساريون التقدميون، والجزائرية من كل ابناء الشعب ضد الاستعمار، وهناك مثلها ثورة عمر المختار واحمد عرابي، وبعدها الضباط الاحرار وميدان التحرير، ثم هناك ثورات العبيد، وثورات للقرود ايضا، وعشرات او مئات الثورات التي فجرت هدفا للتغيير والخلاص نحو جديد او افضل، وكلها كانت لإسقاط الحكم والظلم والاستبداد، وكان ذلك يتم عنوة او تنازلا، وليس منها واحدة قط من تحولت لإسقاط الشعب كما يجري الآن في سوريا.
لم يعد هناك وقت كثير ليشاهد العالم قصر أعلى الجبل كما شاهد باب العزيزية، والأمر سيكون مؤسفاً ومؤلماً جدا ونحن نتابع على الهواء مباشرة بثاً حياً لخيبتنا. ( السبيل )