بعد قرارات الحسم للحكومة وللأخوان المسلمين ماذا بشأن الطرف الثالث ؟

وصف رئيس الوزراء ، قانون الأنتخابات النيابية على أنه " قانون خلافي " نظراً لطبيعته السياسية ، وأسقط عنه صفة القداسة ، وأن نصه ليس مقدساً ، بل عبارة عن إجتهاد تقره المؤسسات الدستورية ، وأن البوابة المتاحة لتعديله وتغييره ، يمكن أن يتم لاحقاً عن طريق المسار الدستوري .
ومع ذلك حسم رئيس الوزراء ، النقاش ، وأوقف الأجتهاد أمام أي وساطة ، وأغلق بوابات الرهان ، حول وجود إحتمال مهما بدا متواضعاً أو ضعيفاً لأجراء أي تعديل على القانون ، سواء خلال الدورة الأستثنائية لمجلس النواب ، وهو غير مطروح على جدول أعمالها ، أو قبل إجراء الأنتخابات النيابية مع نهاية هذا العام .
وبات على الذين ينشطون في الحقل السياسي والحزبي ، ويتطلعون لتفعيل دورهم التدريجي عبر مجلس النواب ، أن يتكيفوا مع القانون وينشطوا ويترشحوا على أساسه ، مهما بدا غير نموذجي ، وسجلوا ملاحظات عليه ، ووجدوا ثغرات في مضمونه ، ويقبلوا رؤية رئيس الوزراء على أن تعديل القانون وتغييره يتم عبر الأدوات الدستورية مستقبلاً .
وحسمت حركة الأخوان المسلمين ، وحزبها ، موقفها من المشاركة في الأنتخابات النيابية المقبلة لمجلس النواب السابع عشر ، بإضافة رفضها لعامل التسجيل في القوائم الأنتخابية إلى جانب رفضها السابق لعاملي الترشيح والأنتخاب في العملية الأنتخابية ، وبذلك تكون حركة الأخوان المسلمين قد أغلقت الطريق ، وسدت كافة المنافذ ، وأنهت أي إنطباع وألغت أي ثغرة للتسلل منها ، بهدف التوصل إلى تفاهم أو إتفاق معلن أو خلف الكواليس أو تحت الطاولة ، بينها وبين الحكومة .
موقف حركة الأخوان المسلمين ، المعلن في أعقاب إجتماع قيادتها المشتركة ، والمتمثل في رفض المشاركة بالأجراءات الثلاثة : التسجيل والترشيح والأنتخاب ، إنعكاس لموقف سياسي يتمثل في رفض قانون الأنتخاب المشرع على أساس الصوتين " صوت للدائرة المحلية وصوت للدائرة الوطنية " ، وأن مشاركتهم مرهونة بتحقيق شرطين هما :
أولاً : إجراء تعديلات دستورية ، على المواد 34 و 35 و 36 ، والمتضمنة حق تكليف الحكومة من قبل رئيس أكبر الكتل البرلمانية وجوباً .
وثانياً : تغيير قانون الأنتخابات .
طرفا المعادلة السياسية ، الحكومة والأخوان المسلمين حسما أمريهما بشأن إجراء الأنتخابات على أساس القانون المعد ، قانون الصوتين ، الصوت للدائرة المحلية والصوت الأخر للدائرة الوطنية فماذا بشأن الطرف الثالث الذي ما زال معلقاً ، لا هو مع موقف الحكومة ولا هو مع موقف الأخوان المسلمين ، وهم أحزاب المعارضة الخمسة : حزب البعث العربي الأشتراكي ، والحزب الشيوعي ، وحزب الشعب الديمقراطي ، وحزب البعث العربي التقدمي والحركة القومية للديمقراطية المباشرة ، لم تحسم قرارها بعد ، إذ كان من المفترض أن تجتمع هذه الأحزاب مساء السبت لمناقشة المستجدات وإتخاذ موقف ، ولكنها أجلت إجتماعها إلى وقت لاحق بسبب إجتماع قيادة الأخوان المسلمين في نفس اليوم 4/8 وذلك كي تعرف موقفها النهائي ، وبعد قرار السبت للأخوان المسلمين الحاسم بالمقاطعة على المستويات الثلاثة ( التسجيل والترشيح والأنتخاب ) ، وبعد إعلان رئيس الوزراء أن لا تعديل على القانون وأن الأنتخابات ستتم وفق القانون المعد قبل نهاية العام ، غدت أحزاب المعارضة الخمسة اليسارية والقومية في موقف صعب ، إذ يتطلب أن تحسم قرارها بالمشاركة أو بالمقاطعة .
إمكانات الأحزاب الخمسة متواضعة ، ولكن موقفها وقرارها مهم على المستوى السياسي والجماهيري فهي بالأضافة إلى أنها تشكل مرجعية لقطاع من الأردنيين وستحدد موقفها في ضوء موقف أحزاب المعارضة الخمسة ، فموقفها مهم للطرفين ، للحكومة وللأخوان المسلمين ، فهي إن إتخذت قراراً بالمشاركة جعلت موقف الأخوان المسلمين ضعيفاً من الناحية السياسية وأفقدته قوته وقيمته المعنوية والمادية ، وجعلتهم منفردين في مواجهة الحكومة أسوة بما كانوا عليه في دورتي إنتخابات 1997 و 2010 ، حينما قاطع الأخوان المسلمين مجلس النواب الثالث عشر والسادس عشر " ولم تخرب الدنيا " ، ولكن إذا إتخذوا قراراً بالمقاطعة فهذا يعني أن كافة أحزاب المعارضة قد قاطعت الأنتخابات وهذا يجعل موقف الحكومة حرجاً ، وهنا تكمن أهمية قيمتهم السياسية ، وليس في قيمة ما يمكن أن يجمعوه من أصوات بإتجاه المقاطعة أو المشاركة ، فقيمتهم تكمن بالشرعية السياسية التي يملكونها والتي تساهم بتوفير الغطاء السياسي للطرفين للحكومة أو للأخوان المسلمين بقرارهم المشاركة أو المقاطعة .