هل تقف الاستثناءات وراء العنف الجامعي ؟

تدور تأويلات مختلفة الاتجاهات على التعديلات التي طرأت مؤخرا على أسس المكرمة الملكية السامية للدراسة الجامعية اعتبارا من العام الدراسي القادم 2012م-2013م، وذلك لضمان اعلى درجات تكافؤ الفرص بين الطلبة وحصولهم على فرص تعليمية متساوية، أهمها انها تستهدف في الأساس تصويب مسيرة القبول الجامعي من خلال إلغاء تخصيص المقاعد الدراسية والتركيز عوضا عن ذلك على تقديم المنح الدراسية فقط في الجامعات الحكومية وللطلبة المقبولين من خلال قائمة القبول الموحد، مستندة إلى عدة معايير أهمها التحصيل الأكاديمي للطلبة والجدارة والتميز والظروف الاقتصادية لهم.
مع ذلك تثور تساؤلات تتردد على مدار الأيام الماضية فيما إذا كانت هذه التحولات المستجدة على بنية المكرمة الملكية للقبول الجامعي ستنسحب أيضا على شمول أبناء القوات المسلحة الأردنية والمعلمين والمخيمات بالمكرمات، أم ان النسب المقررة لهؤلاء ستبقى كما هي عليه بلا أية تغييرات وستكون بمنأى عن التعديلات التي أعدتها رسميا، ما دامت لا تنطبق كذلك على قوائم القبول الجامعي المخصصة للمدارس الأقل حظا من اجل أنصافهم من الظروف القاسية التي تحيط بهم!
يظل اهم ما يلفت النظر من تفسيرات وتحليلات لدوافع التعديلات الهامة التي تم اعتمادها على أسس المكرمة الملكية السامية للدراسة الجامعية، ان رئيس الجامعة الأردنية لم يتردد في الإعلان خلال هذه الآونة عن ان سبعين بالمئة من المشاجرات التي تحدث في الجامعات الأردنية تعود في أسبابها إلى فئة الطلبة الذين يقبلون من خلال استثناءات القبول الجامعي، لان الأرقام المتوفرة تشير بوضوح إلى ان الطلبة الذين يدرسون على حساب المكرمة هم السبب المباشر في نشوب أعمال العنف بسبب تردي معدلاتهم وتدنيها كثيرا عمن يقبلون عبر القائمة التنافسية!
لا شك أن سياسة الاستثناءات في القبول الجامعي تواجه معارضة شديدة منذ سنوات ماضية ويحملها البعض مسؤولية تراجع مستويات التعليم العالي في الأردن الى مستويات غير مسبوقة، ويعتبرون أن الأصل في نظام القبول في الجامعات الأردنية الرسمية ان يخضع لأسس التنافس الحر من دون تمييز أي فئة على أخرى، إلا ان اعتبارها أيضا دافعا رئيسيا في استشراء العنف الجامعي على مدار السنوات الأخيرة قد يكون اعترافا متأخرا على الرغم من انه ليس السبب الوحيد ولا ضمانة في الحد منه بعد تطبيق الأسس الجديدة إذا لم يترافق ذلك مع مواجهات جادة له من نوع آخر!
علامات استفهام كثيرة ما زالت تبحث عن إجابات اثر تعديل أسس المكرمة الملكية للدراسة الجامعية، وهل ان ذلك يعني تغييرا جوهريا في سياسات التعليم العالي في الأردن، وماذا عن مخصصات المكرمات الاخرى من المقاعد الجامعية التي مضت عقود على اسهامها في توصيل الآلاف من أبناء المشمولين بها إلى اعلى مؤهلات التعليم الجامعي بعد ان اثبتوا جدارة في استثمار مثل هذه الفرص المتاحة أمامهم، لكن ما لا يمكن الاختلاف عليه ان الخطوة التي اتخذها الديوان الملكي ربما تكون بمثابة نقطة تحول كبيرة نحو تعزيز توجه التعليم العالي الى اعتماد قائمة القبول الموحد كمرجعية أولى في الدراسة الجامعية مع تقديم الحوافز والامتيازات لمن يستحقونها فعلا من المقبولين! ( العرب اليوم )