الصافرة والكرة في ملعب الحكم

الإصرار الحكومي على الذهاب إلى الانتخابات دون توافق وطني عليها يعني وجود أجندة، وأهداف بعينها يراد تحقيقها، وأنه ليس مهماً معها حالة التماسك المجتمعي، أو التوحد حتى في حدودها الدنيا، والأمر يعني الذهاب إلى حالة جديدة للدولة والشعب قد لا يكون شكلها وتركيبها السياسي والاقتصادي الاجتماعي بذات طبيعة النظام للحكم الحالي، والدور والوظيفة ايضا، وإنما أمور جديدة ومستجدة بحكم ما يجري فرضا وقسرا من متغيرات على شكل جغرافيا الاقليم والسكان فيه، وليس معقولا أن تذهب سوريا في هذا الاطار الى شكل ومرحلة جديدة، وقبلها غيرها ونصدق أن الاردن بمنأى عن ذلك، وأنه لن يمسه التغيير إن كان خيراً أو شراً.
بالإمكان حرف الأمور نحو أقل الضرر أو إلى الأحسن دون خسائر فادحة، غير أن إطالة عمر الأشياء المكونة للدولة يلزمها توافقات واجماعات وعمل جماعي، يفرض إرادته أو جزءاً منها، والذهاب الى الانتخابات الحكومية يصب في عكس ذلك تماما، فهل نصدق أن الحكومة في غفلة عن أمرها، أو أنها مسيرة أو عاجزة حتى عن مجرد إبداء وجهة نظر، أو أنها أصلا مركبة بما يخدم مرحلة منتظرة تؤدي واجباً معلوماً؟
يقال في كل مناسبة إنه لدينا حالة إجماع عام على نظام الحكم، وإن الأمر يشكل ملاذاً آمناً ومرجعية يعتد بها، فهل مثل هذا الأمر ما زال على حاله، طالما أن المراهنة عليه ليكون حكماً بالخلاف على الانتخابات قد فشلت تماما، وان كل الذين يحذرون من إجرائها لم يلقوا آذاناً صاغية بجد، وبدلاً من ذلك مجرد رد استماع لهم دون اخذ اعتبار لما يرونه ويستشعرونه.
الناس هنا يقرؤون ما بين السطور، ودعوات بعضهم إلى الاستعداد لمراجعة علاقة الشعب بالحكم لم تنطلق من فراغ، وإثارة المكون العشائري للدولة ليس أمراً فيه استعداد مستمر للمولاة، وقد تحول اخيرا في غير مناسبة للرفض وليس الاصلاح فقط.
هنك فرصة وليس فرصا، والوقت المتبقي قد لا يسعفها إن لم تستغل جيداً، فصافرة الحكم لن تسمع إذا ما استمرت الكرة في ملعبه أكثر مما ينبغي. ( السبيل )