رسالة إلى روبرت فيسك!

تم نشره الأربعاء 08 آب / أغسطس 2012 12:54 مساءً
رسالة إلى روبرت فيسك!
خيري منصور

اكتب اليك بلا مناسبة، اللهم الا اذا كان بقاؤك على قيد الحياة والكتابة هو المناسبة، خصوصا وانك تعيش وتكتب في هذه المنطقة التي بدأت تتحول الى مثلث بارمودا.

وان كنت احسدك ولا اقول اغبطك فذلك لأن العربي كما وصفه أحد زملائك ذات يوم، وبالتحديد حين رأى ما عاناه بدر السياب متشرداً ومريضاً ينزف في المنافي ثم الاختفاء به ميتاً، قال ستفن سبندر اتمنى ان أعيش بريطانياً وأموت عربياً.

انت تكتب كما تشاء، لا كما يشاء أحد في بلادك، ولا كما تشاء الاندبندنت ايضا، لهذا فالحرية ليست كلمة ممنوعة من الصرف في لغتك، وحين تقول لا حتى لبلادك وحلفائها في اي شجن دولي فذلك بالضبط ما مهدت له الماغناكرتا قبل سبعة قرون او اكثر.

ومن قبلك ايضا لم يدفع سيمون هرش ثمناً باهظاً لما اكتشف وكتب، وكذلك العجوز الشاب الذي كشف عن ووتر غيت، واسقط رئيساً.

نحن يا عزيزي في وطننا العربي الذي ينافس المنفى في الاغتراب والوحشة والخوف، نكتب بأصابع ترتعش، وبين ارهابين ما من برزخ بينهما أو لمبو، كما قال دانتي في كوميدياه، فعلينا ان نكون مع هذا أو ذاك، مع الله تماماًً أو مع قيصر تماماً، ثم نقلب ظهر المجن لكليهما!. ومع الاستبداد ضد الاحتلال لكي نبرره وكأن البعد الثالث الذي يفرز أطروحة مضادة وباسلة ضد الاثنين يحتاج الى يد ثالثة لا نملكها.

ما أسرع أن نتعرض للتخوين اذا غردنا أو حتى نعقنا بكلمة واحدة خارج السرب، رغم ان السرب ليس دائماً من الحمام أو السنونو؛ فقد يكون سحابة سوداء من الغربان تحجب الافق.

اخترت ان اكتب اليك لأنك لا تكتب لقارىء واحد أو مرسل اليه واحد هو حكومتك أو المتظاهر الصامت في الهايد بارك، والكتابة الى قارىء واحد ننفرد بها نحن العرب كما ننفرد بمقولة اياك أعني واسمعي يا جارة، وأنت لا تعرف رغم وجودك بيننا كم هو عسير علينا ان نقول أو نجهر بما نفكر فيه، فثمة كلام للاجترار والبوح مقابل همس للذات وذوي القربى، وما عليك كصحفي يراسل صحيفته من منطقة منكوبة سياسياً وتاريخياً وليس بالزلازل والبراكين الا ان تراجع ما يكتبه زملاؤك في هذه المنطقة لمقارنته بما كتبوه قبل ثلاثة أعوام فقط، فثمة من يغيرون آراءهم أسرع من تغيير ملابسهم الداخلية في الصيف، فالشمس تشرق أحياناً من الغرب أو الشمال والارض ليست مستديرة ولا تدور، ودرجة الحرارة أربعون فقط، وممنوع عليك ان تضيف انها فوق الصفر او تحته.

ان من صنعوا الديكتاتور كما صنع اسلافهم آلهة من تمر والتهموه هم الذين يريدون منا ان نضرس النوى، فهم رجال ونساء لكل العصور وخيارهم في الخريف هو خيارهم في الربيع.

أحسدك ولا اغبطك لأنك تكتب بلغة اخرى لا تقبل كل هذا التأويل والتقويل والمجازات لان لا ناس في بلادك كما يقول مثل انجلوساكسوني قديم يسمون المجرفة مجرفة ولا شيء آخر، بينما نحن بفضل فائض بلاغتنا التي نزهو بها على العالم نسمي الخائن بطلاً والسمسار وسيطاً والجاهل المسلح علاَّمة، تماماً كما نسمي السجون أوطاناً!. ( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات