مؤتمر طهران: أبعد من المناكفة!

تم نشره الخميس 09 آب / أغسطس 2012 03:32 مساءً
 مؤتمر طهران: أبعد من المناكفة!
محمد خروب

 

اليوم, وعلى وقع اعلان مبعوث المرشد الاعلى للثورة الاسلامية سعيد جليلي ومن دمشق, بأن ايران «لن تسمح بكسر ضلع سوريا الاساسي في محور المقاومة».. ينعقد في طهران مؤتمر وزاري «دولي « دعت اليه ايران الدول ذات «المواقف الواقعية» من الازمة السورية, للتباحث في شأن تلك الازمة التي وصلت ذروتها في العسكرة, ولم يعد ثمة رهان لدى أي من طرفي الازمة (ليس المقصود النظام والمعارضات بل كل من يقف في خندق احدهما اقليمياً ودولياً), سوى على النتائج الميدانية التي ستسفر عنها «المعارك» الكبرى الدائرة في حلب, والتي ستحسم (وان في شكل نسبي لكن مثقل بالدلالات) وجهة الصراع, وعمّا اذا كان أحد من الطرفين سيضطر للنزول عن الشجرة العالية التي صعد اليها, وبخاصة اطراف «المعارضات» السورية التي تبدي رفضاً قاطعاً (لا نحسبه من عندياتها أو وفق قناعتها) لأي تفاوض مع النظام قبل تنحي الرئيس الاسد..
مؤتمر طهران لن يحظى بالاضواء والاثارة الاعلامية المصحوبة بخطابات انفعالية, ووعود لا تنفذ وتهديدات وزمجرات خصوصاً العربية منها (والفارغة كما ينبغي التذكير), التي رافقت مؤتمرات اصدقاء سوريا بنسخها الثلاث التونسية والاسطنبولية والباريسية, والتي آلت الى ما يشبه حفلات الكوكتيل التي تنتهي كما بدأت دون أن تترك اثراً.
إلا أنه (مؤتمر طهران) لن يكون مجرد مناكفة حتى لو كان عدد حضوره متواضعاً, وربما يقل عن عدد اصابع اليد, في حين تجاوز مؤتمر اصدقاء سوريا في نسخته الباريسية حاجز المائة بين دولة ومنظمة وهيئة, يعرف اصحاب الدعوة أو ممارسو الضغوطات المالية والسياسية والامنية, ان الفاعلين في مؤتمرات كهذه يقلّون هم أيضاً عن عدد اصابع اليدين, ما يعني أن الذين سيلتقون في طهران اليوم يدركون حجم تأثيرهم على مسار الازمة وقدرتهم على عرقلة او مواجهة أي سيناريو يلوح في الافق او تهدد به احدى دول الجوار – تركيا خصوصا – بعد ان غرقت في «المستنقع» الكردي وفتحت على نفسها جبهة كانت تظن انها هادئة او نائمة او مشلولة او معطلة (نقصد هنا حزب العمال الكردستاني PKK وحليفه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي) مقنعة نفسه بان تحالفها مع مسعود برزاني رئيس حزب كردستان كفيل بلجم ولو مؤقت لأي تطلعات كردية بانبعاث فكرة كردستان الكبرى بعد ان كادت تتلاشى او تتراجع اثر الضربة الموجعة التي تلقاها الPKK والقبض على زعيمه وسجنه.
مؤتمر طهران اذاً لا يمكن تسميته بمؤتمر اصدقاء النظام السوري بقدر ما يستبطن اهدافا واشارات اخرى قد لا ترقى الى مستوى «المحور» او التحالف الاستراتيجي بين الدول المشاركة وخصوصا اذا ما حضرت روسيا والصين, إلاّ انه سيشكل في الان ذاته رسالة نحسب ان الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن ولندن وباريس والدول الاقليمية وفي مقدمتها انقرة وبعض العواصم العربية لن تتجاهلها, لانها ذات مضمون معلن ولم يعد سراً وهو ان لا حل للازمة بدون الاسد وان أي خيار آخر (غير تنحي الرئيس السوري) سيكون مطروحا للنقاش, وإلاّ فإن الازمة ستتواصل وعلى الجميع تحمل تداعياتها وأكلافها واحتمالات الانزلاق الى حرب اقليمية اذا ما أقدم أي طرف على خطوة غير محسوبة, ولم يكن تحميل طهران لكل من الولايات المتحدة وقطر وتركيا خصوصا (التي زارها وزير الخارجية الايرانية صالحي في الوقت ذاته الذي كان فيه جليلي يجتمع بالاسد)، أي ضرر يلحق بالزوار الايرانيين الذين اختطفتهم جماعة مسلحة تكفيرية على طريق مطار دمشق قبل ايام، سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد الذي يطفو الان على سطح الازمة الخطيرة التي تعصف بالمنطقة.
من السذاجة التقليل من أهمية المؤتمر الذي ينعقد اليوم في طهران او اعتباره مجرد مناكفة, لأن حديث طهران المتواتر والحازم (والذي لا نحسب انه لاستعراض القوة السياسية والدبلوماسية) عن عدم السماح بانكسار سوريا, وعن اوهام الاعداء باطاحة نظام الاسد, يؤشر الى ان الخيار العسكري وارد وان أموراً او اوراقا لم تُكْشَف بعد، وإلاّ كيف يمكن للمرء ان يرى كل هذا الضخ الاعلامي وضجيج التصريحات والصور المفبركة وتضخيم حالات الانشقاق للايحاء بان سقوط النظام في دمشق مسألة وقت, في الان ذاته الذي نرى فيه كل هذه الهشاشة والكذب والتزوير الذي تقع فيه المعارضات السورية في ما يشبه الافلاس او غياب الرؤية وهيمنة الممولين والرعاة وكل اؤلئك الذين يريدون تدمير سوريا الكيان والتاريخ والشعب العريق. ( الرأي )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات