اقتصاديات الألعاب الأولمبية

لماذا تتنافس عواصم العالم على استضافة دورة الألعاب الأولمبية؟ الأرجح أنها ترغب في اجتذاب ملايين السياح ، وتطوير مناطق جديدة في ضواحي العاصمة ، ولكي تتمتع بالبقاء ثلاثة أسابيع تحت الأضواء الإعلامية باعتبارها عاصمة العالم وقبلة الأنظار؟
ليست كل عاصمة مؤهلة لاستضافة الألعاب الأولمبية ، إن لم يكن من ناحية القدرة على إدارتها ، فعلى الأقل من ناحية القدرة على تحمل تكاليفها.
عندما كسبت لندن المنافسة ضد باريس قبل سبع سنوات قدّر الإنجليز أن استضافة هذه الدورة سـتكلف 9ر3 مليار دولار ، ولكنها عملياً كلفت حتى الآن 15 مليار دولار ، ومن المنتظر أن ترتفع الكلفة إلى 19 مليار دولار ، تمول من ضريبة جديدة بمعدل 30 دولاراً للفرد البريطاني سنوياً تستمر إلى أن يتم استرداد الكلفة كاملة.
الإنجليز فرحوا واحتفلوا عندما اختيرت لندن مقراً لدورة 2012 ، وفي رأيهم أن لندن أهـم عاصمة في العالم ، وإن الألعاب الأولمبية تساعد في إبقائها كذلك ، ولكنهم الآن أصبحوا بمزاج مختلف ، فهم متضايقون ليس من الكلفة العالية فقط ، بل من صعوبة المواصلات ، وتجنب السياح العاديين للمدينة طيلة فترة الألعاب لإنشغال الفنادق والمرافق العامة ، لدرجة أن نسبة كبيرة منهم تتمنى لو أن لندن لم تفز باستضافة هذه الدورة!.
يذكر أن الدورة الماضية لعام 2008 كانت باستضافة الصين وكلفت ضعف كلفة الاستضافة البريطانية. ويقارن البعض دورة 2012 الحالية بآخر دورة في 1948 استضافتها لندن وكلفت 1ر1 مليون دولار فقط ، تعادل 37 مليون دولار من عملة هذه الأيام. ويقال ان تلك الدورة أنتجـت أرباحاً صافية قدرها 50 ألف دولار ، أي ما يعادل مليـون دولار من القوة الشرائية الحالية.
الدورة التي استضافتها أميركا كانت مختلفة ، فقد أظهرت عبقرية القطاع الخاص ، إذ تم تلزيم العملية لشركات خاصة لم تستطع استرداد الكلفة فقط ، بل حققت أرباحأً طائلة ، معظمها من حقوق البث التلفزيوني والإعلانات.
الألعاب الأولمبية الدورية ليست مسألة تكاليف وأرباح وخسائر مالية على أهميتها ، فهي إلى جانب ذلك نشاط يروج للقيم الإنسانية وهي تدفع الإنسان لان يكون أقوى وأعلى وأسرع وأمهر.
السياسة والمصالح الاقتصادية تفرق شعوب العالم وتجعلهم يتقاتلون بشراسة ، حيث يسيطر القوي على الضعيف ، أما الرياضة فهي توحد البشر وتجعلهم يتنافسون على قدم المساواة بروح رياضية. ( الرأي )