لماذا تتأخر المساعدات العربية؟

لم يصدف منذ سنوات عديدة أن نصل إلى الشهر الثامن من السنة دون أن تتسلم الخزينة مساعدات مالية عربية أو أجنبية ، علمأً بأن الموازنة العامة المتحفظة تتوقع 870 مليون دينار ، أو ما يقارب 25ر1 مليار دولار ، ولكننا موعودون إعلامياً بضعف هذا المبلغ.
يبدو كأن الأردن يخضع هذه السنة لعقوبات عربية ودولية بصورة مقاطعة مالية لم تكن بالحسبان لدرجة أن صندوق النقد الدولي رقّ قلبه وحوّل دفعة مقدمة من حساب القرض الذي وافق عليه مؤخراً ، فأين المنح السخية الموعودة؟.
هل هناك شروط لم ينفذها الأردن مثل إعلان الحرب على سوريا ، أو عدم السير قدمأً في برنامج التوطين والوطن البديل ، أو عدم تسليم السلطة إلى جهة منظمة على استعداد لتلبية كل هذه الشروط؟.
إذا صح أن الدول المانحة مستاءة من سـوء السلوك الاقتصادي والمالي ، وسياسة العجز والاستدانة ، لدرجة عدم الرغبة في تقديم المال لمجرد زيادة الرواتب والعلاوات ، ودعم الماء والكهرباء والمحروقات ، والاستجابة لعمليات الابتزاز تحت عناوين الاعتصام والمطالبة بالحقوق المزعومة استغلالاً للظروف المحلية والإقليمية ، إذا صح ذلك فقد استجاب الأردن لرغبة الدول المانحة ، وأتفق مع صندوق النقد الدولي على برنامج تصحيح شامل يعيد الأمور إلى نصابها خلال سنوات معدودة ، ولكنه لا ينجح إذا لم يتوفر الدعم المالي.
حتى قبل توقيع إتفاق التصحيح الاقتصادي مع الصندوق ، طبـّقت الحكومة برنامجأً للتقشف مبتدئة بنفسها ، كما تطوعت القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بتخفيض موازناتها بشكل ملموس ، وشهد خبراء صندوق النقد الدولي بأن الحكومة تطبق سياسة مالية حصيفة فأين الاستجابة؟.
وكنا نقول يجب أن يرانا المانحون نساعد أنفسنا حتى يتحركوا لمساعدتنا ، وقد فعلنا ، ولكن التجاوب لم يحدث بعد ، فهل وراء الأكمة ما وراءها ، أم أن هناك نية مبيتة لتركيع الأردن مالياً تمهيداً لابتزازه سياسياً؟!.
في غياب أو تأخر المنح الخارجية – عربية وغربية - قام الأردن بالسحب على احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ، ولكن لهذا السحب حدودأً ، وهو يمكن أن يغطي تأخيراً غير مقصود للمنح الخارجية ، أما إذا كان التأخير جزءاً من خطة فالأمر مختلف.
تقديم أو تأخير المنح المالية ، وزيادتها أو إنقاصها ، قرارات سياسية بامتياز ، ويجب فهمها والتعامل معها على هذا الأساس.(الرأي)