الفقه قانون الحساب

لو أن أحداً دخل إلى بلد وهو يحمل شيئاً من الممنوعات فقبضت عليه الشرطة. ولما وقف أمام القاضي يسأله لم تحمل هذه الممنوعات قال: لم أكن أعلم أنكم في بلدكم تمنعونها! فإن جوابه لن يعفيه من العقوبة، ولن يكون عدم علمه حجة له في دفع التهمة وجلب البراءة.
هذا المثال هو ذاته الذي يُقال في معرفة الأحكام الشرعية الابتدائية، أن المسلم لا يعذر أمام الله تعالى بجهل الإسلام، فالفقه هو القانون الذي سيحاسبك الله تعالى بموجبه، ولن يكون عذراً أن تقول : اللهم إني لم أكن أعلم. فالقاعدة الشرعية تقول : لا عذر بالجهل بالأحكام في ديار الإسلام. أي أنه ما دمت تعيش في بلد مسلم فيه العلماء والخطباء، والوعاظ، والدعاة إلى الله فإنك لا تُعذر إذا ارتكبت خطأً شرعياً.
وإن من أكبر نعم الله تعالى علينا سهولة الحصول على المعلومة الشرعية وفي وقت قصير، فأنت تحصل عليها وأنت مستلق على ظهرك برسالة نصية تبعث بها إلى دائرة الإفتاء مثلاً، أو باتصال هاتفي مع أحد العلماء وهم لله الحمد كُثر، وقد تكون هذه المعلومة التي حصلت عليها بهذه السهولة واليسر قد حصل عليها العالم الجليل الذي نُقلت عنه عبر سفره من أجل أن يحصل على حديث شريف أو حكم فقهي.
إن مشكلتنا الحقيقية اليوم لا تكمن في الحصول على المعلومة بقدر تطبيقها، فالمعلومة سهلة الوصول غير أن التهرب من التطبيق، والتحجج بكثير من الحجج هو الآفة التي يعاني منها بعض الباحثين عن المعلومة،والدخول في دوامة الجدل اللامتناهي يسوق إلى تشتيت العزيمة. فقد كان السابقون يسألون عن الحكم الشرعي ليطبقوه. وبعض الناس اليوم يسأل عن الحكم الشرعي وعن الترخص منه، وكيفية الحصول على إعفاء من تطبيقه، وأنت تجد هذا في نبرة السؤال وطريقته، فالسابقون يقولون هذا ( سنة) أي لا بد من فعله تشبهاً بالنبي صلى الله عليه وسلم، واقتداءً به واتباعاً لمنهجه، وبعض الناس اليوم يقول (هذا سُنّة) ،وكأنه يقول: هذا ليس مهماً وبإمكاني تركه!
إن الفقه الإسلامي هو القانون الذي ستُحاسب بمقتضاه يوم القيامة، ولن ينفعك عند الله تعالى أن تقول: (لم أعلم) ، أو أن تقول : ( لم يكن قصدي) ،أو ( الله يحاسب على النوايا)، إنها كلمات تظهر مدى التواكل والتهرب، وهو ما لا يليق بالمسلم.
ونصيحتي لكل مسلم أن يقتني كتاب فقه معتمد ومختصر في بيته ويجعل له نصيباً من المطالعة فيه ،فيصحح معلومة، ويكسب أخرى، ويسأل عما أشكل عليه من أمور دينه، وبهذا تكون النجاة عند الله تعالى.
الفقه قانون الله فلتنظر بم تقابل الله تعالى. ( العرب اليوم )