قوائم بيضاء وسوداء لتصنيف التجار

تتعرض سمعة التجار الأردنيين منذ سنوات عديدة إلى حالات إساءة لا أول لها ولا آخر من قبل الطارئين على هذه المهنة العريقة، مما يصيب الصالح والطالح من بينهم على حد سواء بلا أي تفريق بشبهات التحايل على القوانين والأنظمة والإجراءات التي تنظم العمل التجاري، وهذا ما يعتبر مساسا بمن اكتسبوا ثقة زبائنهم عبر ممارسات شريفة نظيفة على مدار تجارتهم التي ربما توارثوها ابا عن جد، في حين يتوه الذين يجيدون فن التلاعب بطرق غير مشروعة لاغراق الأسواق بالمواد التالفة والفاسدة ويلجأون الى الاحتكار وفرض أرباح خيالية بين الآلاف المؤلفة من أعضاء الغرف التجارية الأردنية!
الاتهامات كثيرة لنسبة كبيرة من التجار بانهم لا يتبعون قواعد العمل التجاري على أسس سليمة، ويصرون مع سبق الإصرار والترصد على ان ينتهجوا المسارب الخلفية في ابرام الصفقات المشبوهة والتهرب من دفع الرسوم والضرائب المفروضة عليهم بشتى السبل، ناهيك عن التحكم بالأسعار وعدم التقيد بنسبة معقولة من الأرباح قياسا على التكاليف الحقيقية، والاهم أيضا الحرص على تدفق اطنان لا حصر لها من السلع والمواد متدنية الجودة إلى السوق المحلي بعد أن عافتها أسواق العالم الأخرى.
ما دامت السمعة التجارية النظيفة من حق الملتزمين ممن يراعون الأساليب المشروعة .. فالأمر يتطلب التفريق بينهم وبين من لهم باع طويلة في المخالفات على اختلاف أنواعها وسلسلة من الأحكام القضائية الصادرة بحقهم، وهذا ما دعا مؤسسة المواصفات والمقاييس على سبيل المثال إلى إصدار تعليمات جديدة لبرنامج التاجر الملتزم الذي يتضمن تسهيل عملية فحص وتفتيش شحنات البضائع للتجار والشركات اذا ما كانت ملتزمة بمواصفات الجودة والسلامة الأردنية بحيث لا يقل عدد الشحنات المستوردة لقطاع المنتجات الواحدة عن اثنتي عشرة شحنة مستوردة مباشرة من الشركة الصانعة أو ممثلها الرسمي مع احضار الوثائق الرسمية التي تثبت ذلك، وفي حال ارتكاب المخالفات وتكرارها يتم وضع التجار ذوي العلاقة على القائمة السوداء.
هذا النهج يفترض ان يتم تعميمه على مختلف الجهات الرسمية ذات العلاقة بالقطاع التجاري ومن بينها دوائر الجمارك العامة وضريبة الدخل والمبيعات والمؤسسة العامة للغذاء والدواء بالإضافة إلى وزارتي الصناعة والتجارة والزراعة وغيرها من وزارات ودوائر ومؤسسات اخرى تناط بها مسؤولية تطبيق القوانين والأنظمة على عمليات الاستيراد والتصدير أو متابعة الإنتاج والتصنيع المحلي، بحيث تعتمد أسلوب القوائم البيضاء والسوداء للتجار الذين يتعاملون معها في مختلف الإجراءات التجارية!
لكن يبقى الدور الأهم في ضبط إيقاع الحركة التجارية لإنصاف الملتزمين وتحديد المتورطين فيما يتعلق بالسمعة العامة، ملقى على عاتق الغرف التجارية الأردنية التي من واجبها ان لا تدافع عن المخالفين من بين أعضائها بل عدم قبول عضويتهم او حتى الغائها لمن ثبت انهم لا يكفون عن اية ممارسات تسيء إلى سمعة التجارة، وفي ذات الوقت تبيض وجوه أعضائها الآخرين الذين يقومون باعمالهم وفق قواعد وأساليب حديثة متعارف عليها عالميا، ولعل القوائم البيضاء والسوداء تكون وسيلة معتمدة لإنقاذ الأسواق الأردنية ممن اساءوا إلى مهنة التجارة وتسببوا في تسويد وجهها الذي كان ناصعا! ( العرب اليوم )