التكنولوجا وعقول الأردنيين
تم نشره الإثنين 13 آب / أغسطس 2012 01:55 صباحاً

د.باسم الطويسي
لا توجد لدينا دراسات شاملة تبين حجم ونوع استهلاك الأردنيين للتكنولوجيا. وعلى كل الأحوال، فالمؤشرات، والسلوك الاستهلاكي، وما نشاهده في الحياة اليومية، تدل على أننا من أكثر الشعوب استهلاكا سلبيا لمنتجات التكنولوجيا الجديدة، وتحديدا في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتي تدخلنا في حالة تناقض صارخة بين الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها الأسرة الأردنية وسلوكها الاستهلاكي، ما يقود إلى حجم التغيير الذي شهدته الثقافة المجتمعية خلال سنوات قليلة.
تلعب التكنولوجيا دوراً أساسياً في التغير الثقافي، وتساهم بشكل مختلف في المجتمعات التي لا تساهم في الإنتاج التكنولوجي أو المجتمعات المستهلكة. ولا تترك التكنولوجيا الآثار الثقافية نفسها في كل المجتمعات. وقد اتسمت هذه الموجة باندماج الاتصال والإعلام بالحوسبة وتكنولوجيا الاتصال وتكنولوجيا الأقمار الصناعية. وفي الوقت الذي لا يستطيع فيه أحد إنكار دور هذه التكنولوجيا في إحداث تحولات ثقافية مجتمعية، إلا أن الحالة الأردنية تذهب نحو الغموض في آثار هذه التكنولوجيا في الثقافة المجتمعية.
في الوقت الذي عانى فيه الأردن من أزمات اقتصادية متلاحقة ألقت بظلالها على المجتمع الأردني وحيويته الحضارية، إلا أنه كان من أكثر مجتمعات المنطقة استهلاكاً لهذا النمط من التكنولوجيا، إذ وصل انتشار الحاسوب إلى كافة مدارس المملكة، ووصل معدل الوصول للإنترنت إلى حوالي 36 %، وانتشار أجهزة الهاتف المحمول إلى نحو 116 %، فيما نحو 70 % من المحتوى العربي على شبكة الإنترنت أنتجه أردنيون.
هنا يُطرح السؤال حول قوة تأثير اندماج الأردنيين بالتكنولوجيا الجديدة، وما احتمال أن تقود إلى تحولات ثقافية عميقة في بناء قاعدة إنتاجية اجتماعية، وهل فوتنا الفرصة في هذا المجال؟ ولعلنا نتذكر الأمنيات والوعود التي أطلقت رسميا قبل عقد، حول الاستثمار في المستقبل في هذا الحقل تحديدا. واليوم، يوجد في الجامعات الأردنية نحو عشرين ألف طالب وطالبة يدرسون تخصصات في مجالات تكنولوجيا المعلومات وهندسة الاتصالات، فيما لا تستوعب السوق إلا أقل من ربعهم، ما يعني أن سوق تكنولوجيا المعلومات لم تنم بالحد الأدنى المطلوب.
تعمل هذه التكنولوجيا، على أكثر من مستوى، على التوحد والدمج والتجزئة والتفتيت؛ فالتطبيقات التكنولوجية الجديدة، وقدرة شبكة الإنترنت، لا تتوقف على قوتها في نشر اهتمامات مشتركة وتقريب الناس وتقليل شأن عنصر المكان كوعاء للهويات الوطنية والدمج الثقافي، وبروز هويات وطنية تتجاوز الحدود والهويات الفرعية، بل أيضا في إعادة ترميم وإنتاج الثقافات المحلية، ما يشكل تحديا وفرصة حقيقية في مسار بناء المحتوى الثقافي للدولة الأردنية في المرحلة القادمة، وتحديدا في اتجاهات الاستهلاك الثقافي للشباب.
لقد عملت التكنولوجيا الجديدة، خلال سنوات قليلة، على ترك آثار واضحة في الثقافة المجتمعية للأردنيين، نلمحها اليوم في أنماط المشاركة السياسية والاجتماعية؛ كيف فتحت منصات ومنابر جديدة للتعبير، وكيف أبرزت أصواتا وهمشت أخرى، وكيف تحولت إلى أداة في يد الارتداد الاجتماعي ونمو العصبيات والمرجعيات الأولية والجهويات السياسية والاجتماعية، وأوهمت أقليات نخبوية بأنها بسيطرتها على منافذ هذه التكنولوجيا بإمكانها إعادة هندسة المجتمع! ونلمح ملامحها في التدين الاجتماعي السلبي المفصول عن القيم والحياة اليومية للناس، كما نلمح ملامح أخرى في أنماط مفاجئة من الاستهلاك. ونلمح آثارها أيضا في زيادة قدرة المجتمع على استيعاب التعددية والقبول بالآخرين. ومع كل ذلك، لم تخلق قاعدة اجتماعية إنتاجية تستند إليها، وهنا المقتل وبيت القصيد.
تلعب التكنولوجيا دوراً أساسياً في التغير الثقافي، وتساهم بشكل مختلف في المجتمعات التي لا تساهم في الإنتاج التكنولوجي أو المجتمعات المستهلكة. ولا تترك التكنولوجيا الآثار الثقافية نفسها في كل المجتمعات. وقد اتسمت هذه الموجة باندماج الاتصال والإعلام بالحوسبة وتكنولوجيا الاتصال وتكنولوجيا الأقمار الصناعية. وفي الوقت الذي لا يستطيع فيه أحد إنكار دور هذه التكنولوجيا في إحداث تحولات ثقافية مجتمعية، إلا أن الحالة الأردنية تذهب نحو الغموض في آثار هذه التكنولوجيا في الثقافة المجتمعية.
في الوقت الذي عانى فيه الأردن من أزمات اقتصادية متلاحقة ألقت بظلالها على المجتمع الأردني وحيويته الحضارية، إلا أنه كان من أكثر مجتمعات المنطقة استهلاكاً لهذا النمط من التكنولوجيا، إذ وصل انتشار الحاسوب إلى كافة مدارس المملكة، ووصل معدل الوصول للإنترنت إلى حوالي 36 %، وانتشار أجهزة الهاتف المحمول إلى نحو 116 %، فيما نحو 70 % من المحتوى العربي على شبكة الإنترنت أنتجه أردنيون.
هنا يُطرح السؤال حول قوة تأثير اندماج الأردنيين بالتكنولوجيا الجديدة، وما احتمال أن تقود إلى تحولات ثقافية عميقة في بناء قاعدة إنتاجية اجتماعية، وهل فوتنا الفرصة في هذا المجال؟ ولعلنا نتذكر الأمنيات والوعود التي أطلقت رسميا قبل عقد، حول الاستثمار في المستقبل في هذا الحقل تحديدا. واليوم، يوجد في الجامعات الأردنية نحو عشرين ألف طالب وطالبة يدرسون تخصصات في مجالات تكنولوجيا المعلومات وهندسة الاتصالات، فيما لا تستوعب السوق إلا أقل من ربعهم، ما يعني أن سوق تكنولوجيا المعلومات لم تنم بالحد الأدنى المطلوب.
تعمل هذه التكنولوجيا، على أكثر من مستوى، على التوحد والدمج والتجزئة والتفتيت؛ فالتطبيقات التكنولوجية الجديدة، وقدرة شبكة الإنترنت، لا تتوقف على قوتها في نشر اهتمامات مشتركة وتقريب الناس وتقليل شأن عنصر المكان كوعاء للهويات الوطنية والدمج الثقافي، وبروز هويات وطنية تتجاوز الحدود والهويات الفرعية، بل أيضا في إعادة ترميم وإنتاج الثقافات المحلية، ما يشكل تحديا وفرصة حقيقية في مسار بناء المحتوى الثقافي للدولة الأردنية في المرحلة القادمة، وتحديدا في اتجاهات الاستهلاك الثقافي للشباب.
لقد عملت التكنولوجيا الجديدة، خلال سنوات قليلة، على ترك آثار واضحة في الثقافة المجتمعية للأردنيين، نلمحها اليوم في أنماط المشاركة السياسية والاجتماعية؛ كيف فتحت منصات ومنابر جديدة للتعبير، وكيف أبرزت أصواتا وهمشت أخرى، وكيف تحولت إلى أداة في يد الارتداد الاجتماعي ونمو العصبيات والمرجعيات الأولية والجهويات السياسية والاجتماعية، وأوهمت أقليات نخبوية بأنها بسيطرتها على منافذ هذه التكنولوجيا بإمكانها إعادة هندسة المجتمع! ونلمح ملامحها في التدين الاجتماعي السلبي المفصول عن القيم والحياة اليومية للناس، كما نلمح ملامح أخرى في أنماط مفاجئة من الاستهلاك. ونلمح آثارها أيضا في زيادة قدرة المجتمع على استيعاب التعددية والقبول بالآخرين. ومع كل ذلك، لم تخلق قاعدة اجتماعية إنتاجية تستند إليها، وهنا المقتل وبيت القصيد.