الفحيص والاسمنت و"جيزة النصارى"

تم نشره الثلاثاء 14 آب / أغسطس 2012 01:24 صباحاً
الفحيص والاسمنت و"جيزة النصارى"
اسامة الرنتيسي
مثلما قال أهالي الفحيص ونشطاء البيئة لا للفحم البترولي سوف يقولون لا للفحم الحجري.
 هذا شعار الحملة التي تقوم بها جمعية الطبيعة في الفحيص، حيث علقت يافطات عديدة في شوارع المدينة، من أجل استكمال النضال البيئي للخلاص من التوأمة الاجبارية مع مصانع الاسمنت، التي يصفها بعض الذين يمتلكون روحاً فكاهية بـ"جيزة النصارى"، لا فكاك منها.
 لقد تعب أهالي الفحيص وماحص، وفي لغة الربيع العربي، هَرِمَ نشطاء البيئة من أجل وقف التلوث الذي أوجدته مصانع الاسمنت طيلة الخمسين عاما الماضية ويزيد على الأرض والانسان والهواء لكنهم لم يصلوا إلى نتيجة حاسمة، وبقيت ادارات المصنع، الاردنية السابقة والفرنسية اللاحقة تبحث عن وسائل لإدامة وجودها وبأقل التكاليف حتى لو كانت على حساب صحة المواطنين، وعلى حساب الاراضي الزراعية التي تصحرت، وهواء المنطقة الذي تلوث.
 القضية البيئية في الفحيص وماحص ليست ترفاً، ونشاطاً زائداً على الحاجة لكوكبة نشطة من شباب المدينتين، فهي متداخلة في الحياة اليومية، ووجود مصنع الاسمنت، رغم التحسينات البيئية التي قام بها، اصبح وجوده غير مرغوب فيه، ليس كرها بمشروع وطني رفد الخزينة في فترات سابقة بملايين الدنانير، واصبح الآن يُحوّل هذه الملايين لخزينة الدولة الفرنسية بعد ان اشترته شركة لافارج، بل لان العمر الافتراضي للمصنع انتهى منذ سنوات، كما انتهى الامتياز الذي كان يتمتع به والذي استمر اكثر من 50 عاما، وكذلك لم تعد محاجر الفحيص تزود المصنع بالمواد الخام، بعد ان بلعت أفران الاسمنت جبالا كاملة من اراضي الفحيص، وتقوم الشركة الآن بإحضار المواد الخام من مناطق اخرى عبر اسطول من الشاحنات التي تخترق شوارع المدينة، فتسبب مشاكل مرورية، اضافة الى مشاكل الغبار المتطاير من حمولتها، كما ان نسبة العمال من ابناء المنطقتين الذين يعملون في المصنع انخفضت الى نحو 20 عاملا.
 الذين عاشوا سنوات عمرهم في الفحيص يعرفون حقيقة ملوثات الإسمنت وحجم المعاناة الناتجة عن تدمير صناعة الاسمنت، لصحة ابناء المنطقة الذين يعانون من امراض صدرية مزمنة، والاخطر وحسب سجلات المدينة الطبية فان اكبر نسب الاصابة بامراض القلب، يحتلها جيران مصانع الاسمنت من اهالي الفحيص وماحص، حتى اضطر طبيب صديق ليطلق دعابة مؤلمة، "إننا في المدينة الطبية مش ملحقين تركيب شبكات لشرايين الفحيصية..." كما دمّرت صناعة الاسمنت اجمل المسطحات الخضراء في بلادنا، وكذلك دمرت الأشجار والتنوع الحيوي وكافة أشكال الحياة المحيطة بالمصنع من بشر وشجر وحجر.
 يليق بمدينتين باهرتي الجمال والطبيعة، الفحيص وماحص، اللتين تضعان لحظة غروب الشمس ما علق بهما من ارهاق على اكتاف اسوار مدينة السلام القدس، ان تتخلصا من جيرة مصانع الاسمنت، التي زاد عمرها على 60 عاماً، وارتبطت ومنذ سنوات بأكبر قضية بيئية في الأردن، وكانت مثار الجدل والنقاش على أعلى المستويات، كقضية وطنية لا تخص أهل الفحيص وماحص وحدهم.
 
( العرب اليوم )


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات