الانتخابات المقبلة وانكشاف النخبة

ينشط سياسيون وبرلمانيون واعلاميون لتشكيل احزاب سياسية تخوض غمار الانتخابات المقبلة بعد ان استقر المشهد على من سيشارك ومن يقاطع في انتخابات ينتظر ويؤمل ان تكون نقطة تحول في مسار الاصلاح في البلاد وسط حالة من استنهاض همم الجميع لانجاز عملية انتخابية تتوج عاما ونصف العام من الحراك الشعبي وانجاز تعديلات دستورية طاولت ثلث مواد الدستور.
غاية الانتخابات المقبلة استعادة الثقة الشعبية باطر الدولة وانتاج برلمان يمتص فائض الغضب والعتب والحرد الشعبي ولنقل صخب الحوار الدائر في الشارع الى الاروقة البرلمانية وكنتيجة نهائية لهذا التحول ينتظر ان نشهد ولادة اول حكومة برلمانية ائتلافية تقود البلاد لاربع اعوام مقبلة .
السياسيون الذين يؤملون ان تحملهم مشاريع الاحزاب الوليدة او تلك التي هي قيد التاسيس التي ينخرطون الان في حوارات معمقة لتشكيل قوائم او اطر سياسية متجانسة برامجيا وهو امر صحي ابتداء لكن جل الانشطة ان لم يكن كلها يتركز في العاصمة ولم تخرج الى المحافظات بعد وهذا يعكس قصورا ذاتيا وازمة لدى هؤلاء حتى قبل ان يبدأ ثمر عملهم يخرج الى النور.
الذين يشتغلون على احزاب او قوائم ربما غسلوا ايديهم سلفا من صرف الوقت والجهد في المحافظات لان ثمة انطباعا بان هذه المناطق محتكرة لقوى تقليدية يصعب اختراقها وبالتالي تتركز اطماع وطموحات الاحزاب والتيارات الجديدة على محور عمان الرصيفة الزرقاء وبالتالي فان هذه الاطر ستكون ممثلة للون واحد من النسيج الاجتماعي الاردني وهو ما ينزع عنها صفة التمثيلية والانتشار على مساحة الوطن وبالتالي فان هذه التشكيلات السياسية – ان كتب لها النجاح - ستكون فئوية سياسية وبلا لون وطني بالمعنى التمثيلي.
غياب الحركة الاسلامية المتوقع ربما اسال لعاب بعض اللاعبين الثانويين او من هم بلا قواعد اجتماعية راسخة لتجريب حظهم وهنا تلعب الاماني اكثر مما تلعب الحقائق في رسم المشهد النهائي.
هناك مفارقة سياسية في الاردن في غاية الطرافة فلو اردت البحث عن انصار السلطة الوطنية الفلسطينية بين اعضاء نادي النخبة لما كلفك الامر عناء البحث اذ ستجدهم سريعا وكذا الحال في البحث عن اصدقاء حركة حماس وايضا ستجد عددا لا بأس به من اصدقاء للنظام السوري وايضا ستجد من يجيد فهم متطلبات السياسة في نسخها الخليجية المتعددة حتى اسرئيل ستجد من يبرر لها «مخاوفها التاريخية» وكل هؤلاء يستطيعون ان يشتقوا البرامج السياسية التي تقترح على الدولة شكلا لعلاقاتها بالاقليم والعالم وهذا يدلل على حالة من الانكشاف السياسي لدى النخبة الاردنية من شانها ان تجعل من الانتخابات المقبلة باروميتر لقياس مدى حضور الاخر في خطابنا السياسي المحلي.
الانتخابات المقبلة نقطة تحول بكل المقاييس الا ان احدا لا يستطيع الجزم باي اتجاه سيكون هذا التحول. ( الرأي )