طبعا ضد المقاطعة .. ولكن!

من حيث المبدأ، أقف بشدة ضد أي قرار لمقاطعة الانتخابات، حتى في أكثر الظروف صعوبة وأشدها حلكة، وقد كان لي موقف معلن في فترة ماضية، دفعت ثمنا باهظا له، وقد جرب المقاطعون هذا الخيار في غير بلد، وتبين لهم أنهم بمقاطعتهم للانتخابات اختاروا أن يبتلعهم النسيان، وأن يهمشوا أنفسهم عبر الجلوس في مقاعد المتفرجين، ولكن...
المشاركة –ايضا- بأي ثمن لم تكن مناسبة، فقد شارك الإسلاميون في انتخابات هزيلة، جرى تصويرهم فيها وكأنهم محض أقلية هامشية لا يعبأ بها أحد، ولم تكن هذه الصورة حقيقية ابدا، ومن المناسب هنا أن نتذكر أن هذه كانت آخر مرة يشارك بها الإخوان في انتخابات برلمانية، ويبدو أن رد فعل هؤلاء استمر حتى اليوم، فالغصة التي أصيبوا بها لا تنسى، والحقيقة أنهم يمتلكون وجاهة كبيرة في اتخاذ موقف كهذا، ومن الغباء ان تجرب مجرَّبا!
كنت أراهن طيلة الوقت أن الإسلاميين سيشاركون في الانتخابات شريطة النزاهة، ويبدو أن ذكريات الماضي لم تستطع أن تمحوها اللجنة المستقلة للانتخابت، ومن هنا بدت مسألة النزاهة سؤالا مفتوحا، فقد سبق وتعهد مسؤولون حكوميون رفيعو المستوى بانتخابات نزيهة، ولكن ذلك لم يتم للأسف الشديد!
اليوم تعيش البلد مأزقا شديدا، حيث يتمسك كل مكون سياسي برأيه، ومن مصلحة الأردن أن تجري انتخابات نيابية بكل بهائها وزخمها وبلا مقاطعة، غير أن إصرار كل طرف على رأيه أفضى بنا إلى لحظة احتباس سياسية، وحتى لو جرت الانتخابات بحسب ما هو مخطط لها وفي الوقت المحدد، دعونا نتخيل ما سيتلوها، هل ستهدأ المعارضة؟ هل ستكف عن حراكاتها ومطالباتها المتكررة بتغيير بعض القوانين وبعض مواد الدستور؟ هل سننعم بالاستقرار بعد الانتخابات؟
صحيح أن الحراك الشارعي بقي نخبويا، ولم يتحول إلى حالة شعبية، وربما شجع هذا الأمر اتخاذ قرار إدارة الظهر للمعارضة، ولكن من يضمن أن يبقى هذا الحراك في إطاره هذا؟
مجرد سؤال. ( الدستور )