جنبلاط: استراتيجية الاستدارات وخيبة الرهانات

تم نشره الأربعاء 15 آب / أغسطس 2012 01:14 مساءً
جنبلاط: استراتيجية الاستدارات وخيبة الرهانات
محمد خروب

توقف وليد جنبلاط, أمير الحرب وزعيم الطائفة ووارث زعامة الحزب الاشتراكي التقدمي اللبناني منذ العام 1977, عن الإدهاش وغدت لعبة الاستدارات وطعن الحلفاء والتنقل بين المربعات السياسية المحلية والاقليمية, اقرب الى الصبيانية والولدنة منها الى قراءة سياسية حصيفة أو اشارة على أن قرون استشعار زعيم المختارة تبدو في غاية الألق والجهوزية, لكن الرجل فقد بوصلته ولم يعد أحد من الافرقاء في لبنان يأخذه على محمل الجد أو يراهن على مواقفه, حتى لو كانت تصب في صالحه أو تزيد من فرصه للتغلب على الفريق المناوئ (8 أو 14 اذار على حد سواء), ما بالك ان العواصم الاقليمية هي ذاتها غسلت ايديها منه, ولم تعد تجد فيه حصان رهان أو زعيماً سياسياً (بتاريخ ميليشياوي دموي كما يعرف الجميع) يتمتع بصدقية أو تكون للكلمة والموقف والتصريحات قيمتها المعنوية على الأقل..
آخر الحركات الالتفافية للوريث السياسي والاقطاعي الذي يقف أكثر من ثلاثة عقود ونيّف على رأس حزب يصف نفسه بأنه «اشتراكي وتقدمي», هو تشكيكه بصوابية المعادلة المثلثة التي تبنتها «كل» حكومات لبنان منذ عقد ونيّف, والتي تقول بتلاحم الجيش والشعب والمقاومة لحماية لبنان من المخططات الاسرائيلية ومواجهة اعتداءاتها المتكررة عليه.
جنبلاط رفض استمرار «الشراكة الغامضة» التي انتجت حكومة نجيب ميقاتي الحالية, هارباً الى الامام ومتملقاً الجيش اللبناني الذي يتعرض لأعنف وأبشع حملة تستهدف سمعته من قبل نواب وصحافة تيار المستقبل, الذي يقوده سعدالدين الحريري وتريد له أن يكون مخلب قط في يدها, كي توظفه في حربها على سوريا ودعمها للمتمردين الذين تزودهم بالسلاح والذخائر والمتطوعين..
«.. لا ينقص الجيش اللبناني الكفاءة والحرفية باستيعاب سلاح المقاومة الموجود تدريجياً وفق خطة تأخذ في الاعتبار الخصوصيات الأمنية للمقاومة» قال جنبلاط كي ينفذ الى عمق الهدف الذي من اجله اخترع هذا التوظيف «العبقري» لسلاح المقاومة ووضعه في يد الجيش اللبناني ليقول شارحا ومضيئا على ما رمى اليه «لا يمكن تحت شعار الجيش والشعب والمقاومة الاستمرار في هذه الشراكة (الغامضة) على حساب الدولة والجيش والامن والاقتصاد والمصير»..
رفع عقيرته ولوح بيده وتأبط موقفاً صريحاً وواضحاً بأنه يغسل يديه من معادلة كهذه, كان هو وحزبه وطائفته هم اكثر المستفيدين، او قل المتلطين خلفها لتسويق مواقفه السياسية وتعزيز مواقعه الحزبية والمذهبية عندما كانت المعادلة (الصحيحة على الدوام بالمناسبة) هي كرت العبور الى حلفاء حزب الله في المنطقة وخصوصا في استعادة دفء علاقاته الباردة مع دمشق بعد اعتذاراته المعروفة وبعد ان اعترف بانها كانت «ساعة تخلي» لم يكن يدرك حينها مدى خطلها وفداحتها.
يعود إذاً وليد جنبلاط الى قواعده المعروفة «سالماً» من غير ان يراهن احد على استمراره المكوث هناك, لانه رجل متقلب وعصابي وخوّاف فضلا عن انه في «عرضه الاخير» يريد ارسال رسائل الى عواصم اقليمية بانه جاهز لاخذ موقعه في جبهة المحتشدين الذين يريدون اسقاط النظام السوري واضعاف محور الشر الذي يجمعه مع طهران وخصوصا حزب الله الذي تعرض مؤخرا الى حملة شيطنة اميركية غير مسبوقة اخذت طابع فرض «المزيد» من العقوبات عليه.
اللافت ان جنبلاط اختار اشهار موقفه الاخير عشية الذكرى السادسة لحرب تموز 2006 التي دحرت فيه المقاومة جيش العدو وافشلت خططه في استعادة نفوذه (وحلفائه ايضا) في بلاد الارز بعد ان تم تحرير الجنوب في 25 ايار 2000 كذلك في موقف بدت فيه حكومة ميقاتي تترنح على وقع ما وصف بقضية النائب والوزير السابق ميشال سماحة المحسوب على سوريا, وخصوصاً بعد أن اقرت قانون النسبية الانتخابي ما اثار حفيظة جنبلاط المذعور من قانون كهذا لأنه سيُظهر حجمه النيابي الحقيقي وليس المزيّف والمضخّم الذي هو عليه الان..
اين من هنا؟
صحيح ان جنبلاط بات بمقدوره الان «إطاحة» الحكومة القائمة بعد ان «تحلل» من تحالفاته وتفاهماته, وصحيح ايضا انه بات «تائبا» في نظر العواصم الاقليمية التي قد تعيد تأهيله سياسيا وخصوصا مالياً, الا انه صحيح دائما ان جنبلاط قد فقد ظله (دع عنك صدقيته) والرجل بات مفلسا سياسيا ولا أمان له.. فمن يأسف عليه؟
( الرأي )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات