المستريحي يكتب : النفس الأمارة بالسوء
المدينة نيوز - خاص - كتب محمد المستريحي - : إن للعمل السياسي قواعد تنطلق من أسس إنسانية وأخلاقية وثقافية تضع مصلحة الوطن في الاعتبار وفوق كل إعتبار، ومِن شانها أن تُهيء لمشروع وطني عام يخدم قضية البناء والتطور، كمنهج حضاري يُراد له الترسيخ والتكريس لمستقبل آت، ووفق قناعات ينبغي للجميع التوصل إليها، وهي أن الأردن لأهله، لجميع مكونات المجتمع، مَن يعيش فيه ويخدمه. فالحُكم في الأردن اعتمد على جميع الأردنيين في كل مراحله التاريخية، وهذا الاعتماد قام على الود والتواصل والتفاهم. وفي كل المراحل فإن الحركات المطلبية والاختلافات في وجهات النظر لم تتحول إلى شطر المجتمع، بل كانت دائماً تؤكد على أن الأردنيين لبعضهم البعض.
وعلى هذا فإنه لا يمكن إطلاق لفظ "العمل السياسي " على ما يقوم به البعض، خاصة إذا إكتشفنا جهالة الاتجاه الفكري لديهم ومدى إنغماسهم في نشر القيم السلبية، حتى بات الفجور في سلوكهم هو عنوان لما يذهبون إليه، حيث أعمى الجهل بصر وبصيرة مَن في قلوبهم مرض، فجعلهم يتمادون في غَيهم دون أن يَعقلون، فانطلقوا في خطابهم على أسس تتخطى حدود الوطن، وتنزل دون مستوى الوطن في الوقت ذاته، وإنشغلوا بدعوات تفريقية من خلال استخدام وسائل لا علاقة لها بالكياسة والسلوك الحضاري.
ولا يخفى على متابع أن الذين ينخرطون في مثل هذه الجماعات لهم أغراض متعددة، فبعضهم ينتمي لتوجهات تقوم أساساً على كراهية الآخر، وبعضهم لديه عقدة نقص ويرى أن الآخرين يتميزون عليه في شيء ما، وبعضهم ممن يبحث عن أي وسيلة للحصول على أي مكسب، ولو تطلب الأمر أن يتحدث غداً بخطاب مناقض تماما عما يقوله اليوم، فستجده في المقدمة ما دام مثل هذا الفعل سيجلب له غنيمة. حيث أن ما يميز هؤلاء هو افتقارهم الشديد للمبادئ والقيم السامية.
لهؤلاء نقول أن الأردنيين يُعتبرون أنموذجاً لمجتمع واحد متوحد على الخير، تزدهر فيما بين أفراده الفضائل في السراء والضراء، معروف عنّا الأاخوة والتراحم والمودة والتضامن والتعاطف والتسامح. لذا فإنه مِن غير اللائق الترويج لأكاذيب "حقوق منقوصة " و "غير منقوصة "، وهي صفات يتم اصطناعها. ومَن يقوم بذلك عليه أن يتأكد من نفسه أولاً، وأن يحتكم إلى ضميره بدلاً من الانصياع إلى نفسه الأمّارة بالسوء.
جُملة القول وفَصله وخِتامه.. إن المُحشدين للكراهية يتكاثرون في بيئة مشابهة لتلك التي يتكاثر فيها الغراب، ونحن لا نريد لبلدنا هذه البيئة. فمجتمعنا الأردني المتنوع لا يستطيع أن يستغني عن أي مكون من مكوناته، ولا مكان فيه لتلون الوجوه. وعلى جماعات المغانم، ومعهم جماعات الكراهية، أن يتيقنوا أنهم لن يفلحوا فيما يسعون إليه. لأن كل ذلك لن ينفع في شيء. فلدينا قيادة جامعة لكل الوطن، تَجمع الناس دون تمييز أو تفريق.