إصابة عمل تتسبب بشلل رباعي وغيبوبة لطفل
المدينة نيوز - أدخل الى مستشفى البشير أول من أمس طفل يبلغ من العمر 13 سنة في حالة غيبوبة وشلل في أطرافه الأربعة، إثر تعرضه لإصابة عمل أثناء نقله لمعدات ثقيلة في أحد المحال التجارية.
وبحسب مصادر أمنية وصحية، فإن الطفل تعرض لانضغاط عنقه بحافة مصعد في أحد المحال التجارية، التي تتعامل مع المعدات الثقيلة تحديدا مثل خزانات المياه، مبينة أن الطفل كان يعمل وحده بدون أي رقابة.
وبينت المصادر لـ"الغد" أن إصابة الطفل شديدة، وإن كان هناك أمل في تحسن الحالة.
وعلمت "الغد" أن تحقيقا فتح بخصوص الحادث، لكن الجهات الأمنية اعتبرته "قضاء وقدرا"، خصوصا مع رفض ذوي الطفل التقدم بشكوى.
ويعتبر التسليم بأن الحادث "قضاء وقدر"، مخالفة لقانون العقوبات، الذي ينص على أنه "كل من ترك قاصراً لم يكمل الخامسة عشرة من عمره بدون سبب مشروع أو معقول، وأدى إلى تعريض حياته للخطر، أو على وجه يحتمل أن يسبب ضررا مستديماً لصحته يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة، وتكون العقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، إذا كان القاصر لم يكمل الثانية عشرة من عمره".
ويعد هذا الطفل واحدا من 50 ألف طفل في الأردن منخرطون في سوق عمل، وسط غياب كامل لإجراءات حقيقية تضمن سحب هؤلاء الأطفال من سوق العمل، وحمايتهم من المخاطر التي يكون عرضة لها.
وفي الوقت الذي تقدر فيه وزارة العمل أعداد الأطفال العاملين بـ32 ألفا، فإن المرصد العمالي يقدر عددهم بـ50 ألفا، وتعكس هذه الأعداد تراخي الجهات الحكومية بمسؤوليتها الرقابية، في منع عمالة الأطفال وتطبيق القوانين.
وينص قانون العمل على إيقاع مخالفات وغرامات مالية بحق المنشآت التي تشغل قاصرين، بدون توفير برامج لحماية هؤلاء الأطفال، في حين تحصر وزارة التنمية الاجتماعية دورها بمكافحة عمل الأطفال، بالجوانب التثقيفية والتوعوية، وتقديم المعونة في حال انطبقت الشروط على أسرة الطفل العامل.
ويقول استشاري الطب الشرعي، الخبير لدى الأمم المتحدة في مواجهة العنف ضد الأطفال الدكتور هاني جهشان، إن السماح للأطفال بالعمل، وفي بعض الأحيان في أماكن خطرة، يتجاوز كونه إهمالا من قبل والدي الطفل، إلى كونه انتهاكا لحقوق الطفل من قبل الحكومة، بالتراخي بمسؤوليتها الرقابية الجادة على أماكن العمل، على الرغم من النصوص الجلية في القانون التي تمنع ذلك.
وينص قانون العمل على أنه "لا يجوز بأي حال تشغيل الحدث الذي لم يكمل السادسة عشرة من عمره بأي صورة من الصور"، كما ينص على أنه "لا يجوز تشغيل الحدث الذي لم يكمل الثامنة عشرة من عمره في الاعمال الخطرة او المرهقة او المضرة بالصحة".
ويبين جهشان أنه، وعلى الرغم من أن قانون العمل حدد الحد الأدنى لالتحاق الأطفال بسوق العمل، غير أن هناك غيابا لآليات تنفيذ هذه القوانين، وغياب فاعلية البرامج الوطنية لمكافحة عمل الأطفال، موضحا أنه بالنسبة للأطفال العاملين بصفة قانونية (من هم أكبر من 16سنة) فهناك غياب لنظم تنظيمية وعمليات تفتيشية، تتضمن صراحة، برامج توفير الأمن والسلامة العامة، وتمنع الإهمال والعنف.
وأضاف إن هناك أيضا غيابا لنظم الإبلاغ عن العنف والإهمال، وغيابا لإجراءات معلنة وواضحة لتقديم الشكاوى، وبالنسبة للأطفال العاملين بصفة غير قانونية (من هم أقل من 16سنة)، هناك ضعف واضح في البرامج الوطنية لإخراجهم من العمل وإعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع، والتي يتوقع في حال نجاعتها ان ترّكز على مساعدتهم على ترك العمل والحصول على تعليم وتدريب وتحسين فرصهم في الحياة.
وتابع جهشان: "أما بالنسبة للوقاية من إصابات الأطفال العارضة، ومنع الإهمال الناتج عن الإخفاق بتوفير السلامة والأمان للطفل، فهو ضرورة مهمة وملحة للحفاظ على صحة الأفراد وعموم المجتمع، غير أن هذا النوع من الوقاية الصحية إما أن يكون مستثنى من الخطط الوطنية أو يتم التعامل معه بطريقة بدائية، كما أن طرق الوقاية والتعامل مع عوامل الخطر الكامن لحصول هذه الإصابات، ما يزال مبهما وغامضا لكثير من المهنيين وصانعي القرار.
ويعتبر جهشان أن العواقب المأساوية لإهمال الأطفال، تشير إلى أهمية تعظيم الجهود للتركيز على الوقاية، لمنع حدوث هذه الإصابات ابتداء، وقد تقع المسؤولية المباشرة على والدي الطفل، بتوفير بيئة آمنة خالية من عوامل الخطر، وهنا تأتي أهمية وجود برامج توعوية تتحمل مسؤوليتها جهات مهنية متعددة، غير أن هناك مسؤوليات موازية بالأهمية تقع مباشرة على عائق الدولة، لضمان مواصفات ومقاييس آمنة ضد كل ما يتعرض له الأطفال داخل بيئتهم المنزلية وخارجها.
يشار إلى أن إحدى الدراسات حول عمل الأطفال، أعدها مركز الدعم الاجتماعي العام قبل الماضي، أشارت إلى أن نحو 39 % من الأطفال العاملين يعملون في ورش تصليح السيارات، يليها وبنسبة 25 % في البيع والتجارة، ثم 13.5 % في تدوير النفايات وجمع الخردوات.
( الغد )