لبنان لن ينزلق!

لن تؤدي توترات لبنان إلى الصراع الذي تبحث عنه دمشق ونظامها لتعميم العنف في مناطق نفوذها. فلا أحد في لبنان له مصلحة من عودة الاقتتال الداخلي!!.
لكن ذلك لا يمنع تأزيم علاقات الفرق السياسية الطائفية التي تمترست في خنادق التحالف مع دمشق أو التحالف مع الثورة. فمثل هذا التأزيم مطلوب لامساك قادة التحزبات الطائفية بطوائفهم وبحركة الناس، وبتنظيم خلاف اللبناني مع اللبناني.
مثلاً من مصلحة الجنرال عون إبقاء التوتر مع تجمع 14 آذار، لأنه يمسك أكثر بتجمع الموارنة في مواجهة الكتائب، والقوات اللبنانية، ويضع الطائفة في تحالف مع الشيعة ربما لأول مرّة في تاريخ الكيان اللبناني.. فالمعروف أن الحكم كان يقوم تقليديا بين الموارنة والسُنّة: سُنّة بيروت، وسُنّة طرابلس وسُنّة صيدا!!. فالشيعة كانوا دائماً حالة تخلف وفقر في الجنوب والبقاع. وكان زعماؤها يكتفون بمنصب رئيس مجلس النواب!!.
الشيعة الآن أخذوا موقع الطائفة الأقوى, وتعبير الثلث المعطل الذي استعمله الشيخ نصر الله هو عملياً ثلث الشيعة التي جعلت منه ديناميكية حزب الله وتحالفاته مع سوريا وإيران الثالث المهيمن على الحكم. بصندوق الاقتراع أو بالسلاح!
الدولة ومؤسساتها: الرئاسة، الوزارة, الجيش, الأمن كلها موجودة ولكنها لا تشكل في لبنان الدولة الحاكمة التي نعرف لكن الجميع بحاجة إليها, ويدعمونها بحسب مكاسبهم السياسية من دعمها, ويمكن لأي فريق أن يهدم فيها او يهدمها كلها اذا وجد أن ذلك في صالحه.. وقد ثبت بعد حرب استمرت ربع قرن ان كاسب الحرب هو الخاسر, فماذا يكسب أحد من لبنان مدمر منقسم على ذاته؟!
من مصلحة النظام السوري وهو يلفظ أنفاسه أن يشعل لبنان للمساومة, أو لمحاولة ابتزاز طرف دولي أو إقليمي له مصلحة فيه. مع أن النظام تعلم أن الابتزاز عن طريق تهديد لبنان غير مجد وانه ينعكس على الحجم السوري وامتداداته الإقليمية وكان انسحاب الجيش السوري المذلّ بعد التجمع المليوني الحقيقي في ساحة الشهداء وبعد ردة الفعل على اغتيال الحريري ورفاقه، خير دليل على ذلك، وكان من اثمن النصائح التي قدمها الأردن والملك عبدالله الثاني لبشار الأسد: الانسحاب من لبنان مباشرة بعد الانسحاب الإسرائيلي فالمقاومة اللبنانية كانت كافية لفرض هذا الانسحاب، ولا حاجة لجيش لم يحارب دفاعا عن لبنان الجنوبي المحتل لثلاثة وعشرين عاما متصلة.
لا نظن أن اللبنانيين سيقعون في يد اللعبة السورية مرة أخرى بمن في ذلك أكثرهم حماسة لنظام الأسد.
( الراي )