دفع الرواتب قبل العيد

قرار الحكومة بدفع الرواتب قبل العيد ، أي قبل 16 يومأً من نهاية الشهر ، هل هو إنجاز تستحق عليه الشكر أم خطأ يستوجب الملامة؟!.
دفع الرواتب قبل العيد تقليد أردني يسمح للحكومة بأن تظهر بمظهر الجهة الكريمة ، مع أنها إنما تدفع اليوم ما كانت ستدفعه غداً على أي حال ، أي أنها لا تتحمل كلفة إضافية لتسبيق الدفع ، وبذلك تحقق مكسباً معنوياً بالمجان!.
هذا التقليد غير معمول به في بلدان أخـرى ، وهو لا يشكل مكسباً لأحد ، بل يحول دون تخطيط الموظف لدخله وحسن توزيعه على الفترة الزمنية. وفي مقابل البحبوحة المؤقتة في العيد سيكون أمام الموظف 42 يوماً من التقشف بانتظار راتب الشهر التالي.
هذا التقليد غير المبرر يعزز حالـة غياب اليقين في التخطيط الشخصي ، فليس معروفاً سلفاً ما إذا كان رئيس الحكومة سيأمر هذه المرة بدفع الرواتب قبل العيد أم لا ، وخاصة إذا كان يوم العيد بعيدأً عن الموعد المعتاد لدفع الرواتب.
والمبدأ خاطئ جملةً وتفصيلاً ، فهو يفترض أن الموظف لا يدخر ولو جزءاً ضئيلاً من دخله استعدادأً للعيد ، مع أن من الحصافة أن يدخر كل موظف ولو 5% من دخله الشهري لمواجهة الطوارئ التي لا تقف عند يوم العيد بل تمتد لأمور صحية واجتماعية عديدة قد تأتي بشكل مفاجئ.
إذا صح أن الموظف ينفق كل راتبه الشهري خلال الشهر ، وليس لديه أية مدخرات كبيرة أو صغيرة ، كما تفترض الحكومة التي تقرر صرف الرواتب قبل العيد لتمويل شراء الحلويات والكسوة ، فمعنى ذلك أن الاستغناء عن الموظف لسبب ما في أية لحظة يعني أنه وعائلته لن يجدوا طعاماً لغدائهم في اليوم التالي ومن هنا يأتي اعتبار قطع الأرزاق مساوياً لقطع الأعناق!!.
إذا كان لنا اعتراض على غياب الاحتياط للطوارئ لدى الموظف ، أي غياب عملية الإدخار مهما كان الراتب صغيراً ، فماذا نقول إذا كان لدى الموظف إدخار سالب ، أي أنه مدين لأغراض استهلاكية ، وقد وقـّع على كمبيالات مخصومة لدى البنك تستحق شهرياً ، وتخصم من راتب لم يكن يكفيه أصلاً.
أما وقد ارتكبت الحكومة هذا الفعل بحق موظفيها ومتقاعديها ، كما ارتكبته مؤسسة الضمان الاجتماعي بحق المستفيدين منها ، فلا أقل من التبكير ستة أيام في دفع رواتب الشهر التالي بحيث يمكن توزيع الضائقة المالية للموظف على شهرين بدلاً من أن يتحملها شهر واحد.
وكل عام وأنتم بخير.