عيدٌ بأيةِ حالٍ عدتَ يا عيدُ

قبل عشرة قرون، وفي لحظة تجلٍّ، وقف سيد الشعراء أبو الطيب المتنبي، وقال: "عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ..أبما مضى أم لأمر فيك تجديدُ ". إلا أن أحفاد المتنبي، بعد أن أوجعتهم الهزائم والنكسات، عكسوا عجزهم على عجز بيت المتنبي، فأصبح:"عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ فقرٌ وبؤسٌ وإفلاسٌ وتشريد".
بأية حال سوف يأتي العيد على العالمين العربي والإسلامي وقد اكتويا بلهيب أزمات اقتصادية طاحنة، وبربيع عربي يحاول جبابرة العهود البائدة تحويله إلى خريف، بعد أن خطف انتهازيون خيراته، ولووا عنق شعاراته، فتحولت الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، إلى استحضار فتاوى تسأل عن شرعية اللواط، وعن مضاجعة الزوجة المتوفية!!
يأتي العيد ونحن نسير إلى الخلف في كل شيء، وتتردى أحوالنا الاجتماعية والثقافية والعلمية.
نعيش حالة رثة من تقديم الخاص على العام، وننتصر للعائلة على العشيرة، وللعشيرة على القبيلة، وللقبيلة على المدينة، وللمدينة على الوطن.
يأتي العيد ونخبنا السياسية تتصارع في معارك طواحين الهواء، ووجبات دسمة للحديث في العيد، من قضية الانتخابات وما يساورها، وسورية ودمها المسفوح الذي وصل رذاذه الى كل شمالنا، وشومان والبنك العربي، وحرد بعض المسؤولين بعد أن تم استبعادهم عن وجبة فَطور ملكية، وشكل الحكومة المقبلة ومدى قدرتها على إقناع المواطنين بالذهاب الى صناديق الاقتراع.
نودّع رمضان وما زال المصريون يهددون بمليونية جديدة في 24 آب الحالي، ولا تزال أوجاع سيناء ورفح مفتوحة من دون إجابات، سوى رزمة قرارات لصالح الإخوان.
نودع رمضان ولا يزال الدم ينزف في اليمن غزيرا، ويتراشق برلمانيوه الأحذية، وما زال عيد العراقيين بعيداً، واستبدلوه بالدمار والقتل والعنف الطائفي، ولا تزال الدولة الفلسطينية المنشودة وعاصمتها القدس حلم عصافير، ولا تزال حركتا فتح وحماس تتقاتلان على سلطة شمعية تذوب أكثر كلما اقتربت من تعنّت نتنياهو.
نودّع رمضان، وقلوبنا على السودان الذي لم يعد سلة العرب الغذائية بعد أن قبل البشير بأقل من نصفه حتى يبقى متسمرا على عرشه. ونتضامن مع لبنان، وندعو ألا تقترب الأصابع من الزناد مرة أخرى، بعد ما فعله ميشال سماحة من عهر وخسة، وما تقدمه الأطراف المناصرة لسورية من فواتير لصالح نظام لم يبق بينه وبين شعبه شعرة، فيكفي هذه الأجيال صراعات داحس والغبراء، وفواتير لم تزل مفتوحة وقابلة للدفع من دمنا كل لحظة.
نعيّد السبت او الأحد (ليس تسامحا دينيا مع التوراة او الانجيل..) لكنها لعبة الأيام والسنين.
( العرب اليوم )