جُمْلَة واحدة .. هل ينطقون بها ؟!

تم نشره السبت 18 آب / أغسطس 2012 01:14 مساءً
جُمْلَة واحدة .. هل ينطقون بها ؟!
جواد البشيتي

 

باستثناء قِلَّة قليلة من المتعصِّبين له تَعَصُّباً أعمى، لم أُصادِف مؤيِّداً (عربياً على وجه الخصوص) لنظام حكم بشار الأسد إلاَّ ويُطَعِّم تأييده له بشيء من "الانتقاد"؛ لا بلْ إنَّ بعض المؤيِّدين "الأذكياء" له ينفي أنْ يكون مؤيِّداً لنظام الحكم هذا؛ فهو إنَّما يَقِف ضدَّ "المؤامرة (الدولية والإقليمية)" التي تَسْتَهْدِف "سورية نفسها"، أيْ تَسْتَهْدِف وحدتها، أرضاً وشعباً، وإضعافها بما يُضاعِف قوَّة إسرائيل، ويُقوِّي النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة على وجه الخصوص؛ وفي سياق هذا الموقف، نراه يَقِف، أيضاً، ضدَّ "الثورة (الشعبية الديمقراطية) السورية"، بصفة كونها (في منطقه وتَصَوُّره) أداة (داخلية) لهذه "المؤامرة"؛ ويمكن أنْ نَجِدَه يَغُضَّ النَّظر (مؤقَّتاً) عن "مساوئ" نظام حكم بشار، الذي لا يستطيع (على ما يَزْعُم هؤلاء "الأذكياء" من مؤيِّديه) أنْ يُصارع دفاعاً عن وجوده من غير أنْ يَحْفَظ لسورية "العزيزة" وحدتها ووجودها.

إنَّه لا يستطيع (إلاَّ إذا بَلَغ به العناد مبلغه) أنْ يُصوِّر لنا نظام حكم بشار على أنَّه "المدينة الفاضلة"؛ لأنَّ بشار "الواقعي"، أيْ كما نراه في الواقع، لا في "صورته الذِّهنية" في رؤوس مؤيِّديه، لا يسمح له بذلك؛ فيسعى، من ثمَّ، في الأسهل، وهو "شيطنة" صورة الثائرين عليه، ليتَّخِذ من هذه "الشيطنة" ذريعةً لمواقف لا يمكن أنْ تُتَرْجَم عملياً وواقعياً إلاَّ بما يَخْدُم نظام حكم بشار خدمةً "ذكية"؛ لكونها تتسربل بـ "الانتقاد" له، وبتعداد وشرح "مساوئه"، التي هي جميعاً تَقَع في خارج "الجوهر"، أو "الأساس"، من نظام الحكم هذا؛ ويمكن، من ثمَّ، جَعْلَها "محاسِن" لو قُيِّض لعربة "الإصلاح" أنْ تمضي قُدُماً، وفي غير هذا المناخ الذي لوَّثه "المتآمرون" بـ "جرائمهم"!

المؤيِّدون له، وعلى قِلَّتهم، يَتَنَوَّعون في "أسلوب" التأييد، وفي "الدَّافِع الحقيقي" إليه؛ ولقد شَرَحْنا بعضاً من أوجه هذا "الأسلوب"؛ أمَّا في أمْر "الدَّافِع الحقيقي" للتأييد، فأقول إنَّ بعض المؤيِّدين (على ما نقرأ في كتابٍ يشبه "أصل الأنواع") يؤيِّد نظام حكم بشار بدافع "عصبية" يضيق بها ما يرتديه من ثياب "القومية (والعروبة)"، أو "اليسارية"، أو "العلمانية"؛ فهذا "النوع" تقوى في داخله، في أوقات الضِّيق والشِّدَّة، دوافع "طائفية دينية"، ألْبَسَها زمناً طويلاً أجمل الثياب الفكرية.

وبعضهم لا يستطيع الخروج من جلده "الستَّاليني"، و"الفاشي"، و"الشوفيني"؛ فـ "ثوريته"، والتي يُرينا إيَّاها في مواقفه الفكرية والسياسية من إسرائيل والقوى الإمبريالية، وحتى من الرأسمالية، تَضْرب جذورها عميقاً في تربة العداء الحقيقي والصريح للديمقراطية، بأوجهها وقيمها ومبادئها كافَّة، فهو يعادي ديمقراطية "الربيع العربي"؛ لكونها من جنس "الديمقراطية البرجوازية"!

وبعضهم على "صلةٍ أمْنِيَّة ما" بنظام حكم بشار؛ وتتولَّى لونا الشبل، وأشباهها من "الإعلاميين"، تنظيم وإدارة هذه الصِّلة؛ وهؤلاء يُصَنِّعون المواقف والآراء الفكرية والسياسية بما يُثْبِت ويؤكِّد أنَّ لهم مصلحة تقضي بالخلط بين "الثورة السورية نفسها" وبين قوى دولية وإقليمية تبدو منتصِرة لهذه الثورة؛ مع أنَّ الواقع يأتي، في استمرار، بما يقيم الدليل على أنَّ هذا "الانتصار" فيه من العداء لنظام حكم بشار أكثر كثيراً ممَّا فيه من الصداقة للثورة الشعبية عليه.

وعن عَمْد، تراهم يَضْرِبون صفحاً عن تأييد حكومة المالكي (العراقية التي نصَّبها "المارينز") لنظام حكم بشار؛ فَهُمْ لا يَرون (ولا يريدون لنا أنْ نرى) إلاَّ تأييد "الثوريين" له، كإيران و"حزب الله"؛ مع أنَّهم لو علَّلوا، وأحسنوا تعليل، هذا التأييد لَمَا رأوا فيه من "الدَّوافِع الحقيقية" إلاَّ ما يتنافى مع ألفباء الثورية التي يدَّعون.
ولفَضْح عوارهم الثوري نتحدَّاهم قائلين: احْتَفِظوا بكل ما تُعْلنونه من مواقف وآراء ضدَّ "الثورة السورية"، وضدَّ "المؤامرة (الدولية والإقليمية)" التي تتعرَّض لها سورية، الوطن والدولة والشعب، وضدَّ العدوِّ الإسرائيلي والقوى الإمبريالية؛ لكنْ أضِيفوا إلى كل مواقفكم وآرائكم تلك جُمْلَة صغيرة واحدة هي "نظام حكم بشار الأسد غير قابلٍ للإصلاح، ولا بدَّ (من ثمَّ) من إطاحته (شُخُوصاً وأُسُساً) بثورة شعبية".

أمَّا أنْ تتسربلوا بكل تلك المواقف والآراء الثورية من أجل أنْ تُحْسِنوا وتُجيدوا الدِّفاع (الظاهر تارةً، والمستتر طوراً) عن نظام حكم بشار فهذا هو مكمن عوراكم الثوري، والذي لا يمكن أبداً قبوله ومجاملته؛ فَمَنْ يقف مع نظام الحكم هذا الآن لا يمكن أبداً أنْ يكون صادقاً في مواقفه وآرائه الثورية تلك؛ ونحن طالما رَأيْنا أعداء الثورة يلبسون لبوساً ثورياً لا لشيء إلاَّ ليتمكَّنوا من خوض صراعٍ ناجحٍ وذكيٍّ ضدَّ الثورة ! . ( العرب اليوم )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات