عندما يصبح للعشيرة.. جناحها العسكري!!
تم نشره السبت 18 آب / أغسطس 2012 01:17 مساءً

محمد خروب
يحدث هذا في لبنان الذي كنا نتغنى بديمقراطيته والحرية الواسعة التي يحظى بها شعبه وما هو عليه من انفتاح وحيوية وحب للحياة وخصوصا في مقاومته الشجاعة التي اطاحت بمقولة المستغربين والمستعربين (على حد سواء) بأن قوة لبنان في ضعفه!! نقول: يعيش لبنان هذه الأيام محنة شديدة قد تقوده إلى حرب أهلية أو انخراط في حرب لصالح قوى وجهات إقليمية عربية خصوصا، تسعى لتحقيق الهدف الرئيس الذي ما يزال يجمع المتربصين بالمنطقة وهو اشعال الحروب الأهلية على أسس طائفية ومذهبية وعرقية وتدمير ثقافة المقاومة التي نجح لبنان في جعلها «مَعْلَما» من مشهده الراهن، وإعطاب آلة القتل الإسرائيلية التي عملت طوال عقود على المسّ بأمنه وإرهاب شعبه وتدمير مرافقه واستباحة أرضه.
الأزمة السورية ألقت بظلالها على «الشعوب» اللبنانية وكشفت في جملة ما كشفته، عمق الانقسام في المواقف والقراءات والانحيازات والاصطفافات التي اتخذها ابرز فريقين سياسيين في لبنان وهما (8 و14 آذار) والفريق الأخير لا يخفي انحيازه لما يوصف بالثورة السورية ويراهن بل هو يبني كل خياراته واستراتيجيته المقبلة على سقوط النظام السوري الذي يراه وشيكا، ولهذا لم يتردد في ارسال المال والمتطوعين والسلاح إلى المتمردين السوريين بل وأقام مشافي ميدانية واحتضن «المقاتلين» وشكل بالنسبة إليهم حديقة خلفية ومجالا حيويا واسهم في شكل أو آخر في الحملة على الجيش اللبناني الذي أرادت قيادته كما الحكومة اللبنانية إرساله إلى الشمال (عكار وطرابلس) كي يحفظ الحدود ويحول دون اختراقها في الاتجاهين، لكن القوى اليمينية المتحالفة مع أميركا وتركيا وبعض العرب، واصلت استفزازاتها ووفرت مظلة حماية لعمليات خطف لمواطنين لبنانيين كانوا يزورون أماكن مقدسة في دمشق فقط لأنهم «شيعة» وراحت تستثمر هذا الحدث، لابتزاز مواقف سياسية وضاعت قضية هؤلاء (أحد عشر مختطفاً) بين الاعتبارات الجاسوسية والمذهبية والطائفية وارتداداتها الإقليمية وكانت أنقرة هي العنوان الذي يوفر الغطاء والدعم وورقة المساومة.
ما علينا
ذهبنا بعيداً في تشريح المشهد لكن الإضاءة كانت ضرورية للوصول إلى قصدنا في هذه العجالة، وهو التأشير على حجم الاحتقان الذي أخذ يضرب في أعماق مكونات الشعب اللبناني وبخاصة بعد أن أقدمت عشيرة ذات حضور في المشهد «البقاعي» وامتداداته في الضاحية الجنوبية ببيروت، على اختطاف «سوريين» قيل إنهم ينتمون للجيش السوري الحر لمقايضتهم مقابل إطلاق سراح «ابنهم» الذي اختطفته عناصر هذا الجيش في دمشق متهمة اياه بأنه عنصر في حزب الله جاء لقتل السوريين!!.
قانون الغابة هو الغالب والدولة فقدت هيبتها وعادت الأمور إلى المربع «البشري» الأول حيث يتولى الأقوى تنفيذ القانون بيده أو فرض قوانينه، فيما تواصل «الشعوب» اللبنانية صراخها وتخندقها وانتظار إشارة الزعيم، زعيم الحزب أو الطائفة أو الميليشيا أو العصابة لا فرق..
اللافت في كل ما جرى ويجري هو أن آل المقداد (وهذا هو اسم العشيرة البقاعية) أحالت القرار النهائي في عملية الافراج عن المخطوفين إلى «الجناح العسكري للعشيرة» ما يعني في قراءة تثير الأسى والذكريات المريرة، أن المطلوب في هذه المرحلة إعادتنا إلى مكوناتنا الأولى حيث خنادق القبيلة والعشيرة والعائلة والمذهب والطائفة والجهة والمنطقة والحارة على نحو يليق بما افرزته أنظمتنا التي وصفت نفسها بـ»الوطنية» من قمع واستبداد وفساد وهيمنة ثقافة الولاء على الكفاءة، وغياب مفاهيم العدالة والمواطنة وخواء سلطة القضاء وانتعاش مهنة «العمالة» للأجنبي يتساوى في ذلك رموز الدولة مع مَنْ هم في عداد المواطنين أو قادة الأحزاب والطوائف والميليشيات.
ليس القصد الإساءة لعشيرة آل المقداد الذين ليسوا سوى نموذج من هذا المشهد المتخلف الذي أوصلتنا إليه أنظمتنا وكيف لحزب أن يحمل صفة الاشتراكية والتقدمية ويكون «صاحبه» إقطاعيا وزعيم ميليشيا وقاتلا كذلك في مَنْ تُسبغ عليه الكنيسة أو دار الإفتاء الحماية فيخرج على الناس شاهراً سيف التقسيم أو احتكار الوطنية والحقيقة وكيف يجد من يدافع عنه ويتظاهر من أجله ويُغلق الطرق والشوارع ويحرق الدواليب وينادي في الآن ذاته بقيام الدولة المدنية ويدّعي أنه محب للحياة.
إسألوا عن جعجع والحريري وجنبلاط. ( الرأي )
الأزمة السورية ألقت بظلالها على «الشعوب» اللبنانية وكشفت في جملة ما كشفته، عمق الانقسام في المواقف والقراءات والانحيازات والاصطفافات التي اتخذها ابرز فريقين سياسيين في لبنان وهما (8 و14 آذار) والفريق الأخير لا يخفي انحيازه لما يوصف بالثورة السورية ويراهن بل هو يبني كل خياراته واستراتيجيته المقبلة على سقوط النظام السوري الذي يراه وشيكا، ولهذا لم يتردد في ارسال المال والمتطوعين والسلاح إلى المتمردين السوريين بل وأقام مشافي ميدانية واحتضن «المقاتلين» وشكل بالنسبة إليهم حديقة خلفية ومجالا حيويا واسهم في شكل أو آخر في الحملة على الجيش اللبناني الذي أرادت قيادته كما الحكومة اللبنانية إرساله إلى الشمال (عكار وطرابلس) كي يحفظ الحدود ويحول دون اختراقها في الاتجاهين، لكن القوى اليمينية المتحالفة مع أميركا وتركيا وبعض العرب، واصلت استفزازاتها ووفرت مظلة حماية لعمليات خطف لمواطنين لبنانيين كانوا يزورون أماكن مقدسة في دمشق فقط لأنهم «شيعة» وراحت تستثمر هذا الحدث، لابتزاز مواقف سياسية وضاعت قضية هؤلاء (أحد عشر مختطفاً) بين الاعتبارات الجاسوسية والمذهبية والطائفية وارتداداتها الإقليمية وكانت أنقرة هي العنوان الذي يوفر الغطاء والدعم وورقة المساومة.
ما علينا
ذهبنا بعيداً في تشريح المشهد لكن الإضاءة كانت ضرورية للوصول إلى قصدنا في هذه العجالة، وهو التأشير على حجم الاحتقان الذي أخذ يضرب في أعماق مكونات الشعب اللبناني وبخاصة بعد أن أقدمت عشيرة ذات حضور في المشهد «البقاعي» وامتداداته في الضاحية الجنوبية ببيروت، على اختطاف «سوريين» قيل إنهم ينتمون للجيش السوري الحر لمقايضتهم مقابل إطلاق سراح «ابنهم» الذي اختطفته عناصر هذا الجيش في دمشق متهمة اياه بأنه عنصر في حزب الله جاء لقتل السوريين!!.
قانون الغابة هو الغالب والدولة فقدت هيبتها وعادت الأمور إلى المربع «البشري» الأول حيث يتولى الأقوى تنفيذ القانون بيده أو فرض قوانينه، فيما تواصل «الشعوب» اللبنانية صراخها وتخندقها وانتظار إشارة الزعيم، زعيم الحزب أو الطائفة أو الميليشيا أو العصابة لا فرق..
اللافت في كل ما جرى ويجري هو أن آل المقداد (وهذا هو اسم العشيرة البقاعية) أحالت القرار النهائي في عملية الافراج عن المخطوفين إلى «الجناح العسكري للعشيرة» ما يعني في قراءة تثير الأسى والذكريات المريرة، أن المطلوب في هذه المرحلة إعادتنا إلى مكوناتنا الأولى حيث خنادق القبيلة والعشيرة والعائلة والمذهب والطائفة والجهة والمنطقة والحارة على نحو يليق بما افرزته أنظمتنا التي وصفت نفسها بـ»الوطنية» من قمع واستبداد وفساد وهيمنة ثقافة الولاء على الكفاءة، وغياب مفاهيم العدالة والمواطنة وخواء سلطة القضاء وانتعاش مهنة «العمالة» للأجنبي يتساوى في ذلك رموز الدولة مع مَنْ هم في عداد المواطنين أو قادة الأحزاب والطوائف والميليشيات.
ليس القصد الإساءة لعشيرة آل المقداد الذين ليسوا سوى نموذج من هذا المشهد المتخلف الذي أوصلتنا إليه أنظمتنا وكيف لحزب أن يحمل صفة الاشتراكية والتقدمية ويكون «صاحبه» إقطاعيا وزعيم ميليشيا وقاتلا كذلك في مَنْ تُسبغ عليه الكنيسة أو دار الإفتاء الحماية فيخرج على الناس شاهراً سيف التقسيم أو احتكار الوطنية والحقيقة وكيف يجد من يدافع عنه ويتظاهر من أجله ويُغلق الطرق والشوارع ويحرق الدواليب وينادي في الآن ذاته بقيام الدولة المدنية ويدّعي أنه محب للحياة.
إسألوا عن جعجع والحريري وجنبلاط. ( الرأي )