نواب جهويون
تم نشره السبت 18 آب / أغسطس 2012 11:55 مساءً

اسامة الرنتيسي
يغيظني أكثر ما يغيظني السلوك النيابي عندما لا يكون معياره أن عضو المجلس هو ممثل للشعب، كل الشعب، ويقبل نوابا أن يكونوا ممثلين لحارات أو مناطق أو فئات من المجتمع.
بقهر شديد قرأت مذكرة 11 نائبا أطلقوا على أنفسهم "نواب الشمال" أرسلوها إلى رئيس الوزراء فايز الطراونة بإعادة موظف في أمانة عمان إلى منصبه. ومدافعين عنه بأنه لم يرد اسمه بأي من ملفات الفساد في أمانة عمان الكبرى، وكأن شهادة النواب في موضوع الفساد غير مجروحة، وهو المجلس الذي حصن ملفات الفساد والفاسدين، وأدمت قراراتهم بخصوص ملفات فساد قلوب الأردنيين، ودمرت الموازنة، وأصبحت مثار تندر ورسوم كاريكاتورية لفناني الصحف وعشاق الفيس بوك.
11 نائبا يتهمون أن ما جرى مع هذا الموظف تم "بطريقة مريبة وعلى الخلفية الجهوية والمحسوبية نفسها لعمليات الإحالة على التقاعد والتعيينات في الفترة الأخيرة"، ولم يتورعوا أن يمارسوا الدور نفسه، فيتكتلون في مظلة "نواب الشمال" ليدافعوا عن أحد أبناء الشمال!.
كيف للمرء أن يدين سلوكا شاذا ومرفوضا ويأتي بمثله، هذا ما فعله بالضبط "نواب الشمال".
11 نائبا وهم: د.حميد بطاينة، ود. بسام العمري، و م. زيد شقيرات، ويحيى عبيدات، ود. أحمد الشقران، وعماد بني يونس، ومحمد خالد الردايدة، وعلي العمري، وعبد الكريم أبو الهيجا، وعاكف المقبل، وجميل النمري، انتفضوا جهويا لمناصرة ابن منطقتهم الذي قد يكون قد أضروه أكثر مما نفعوه بهذه الشهادة النيابية.
نتوقع من السادة النواب أن ينتفضوا ضد أي تجاوزات تقع بحق اي مواطن بعيدا عن الحسابات الجهوية والانتخابية، وإذا كان ما جاء في مذكرتهم صحيحا بأن "الشخصيات الأكثر نظافة وكفاءة واستقامة تتم مكافأتها بالإبعاد"، فهذه وحدها كفيلة ليس بإسقاط رئاسة أمانة عمان، بل بإسقاط الحكومة ومحاسبتها، فلا تنفع عندها فقط المذكرات بل نحتاج إلى تدخل مباشر من قبل النائب العام والقضاة، وكل السلطات التي تعمل على حماية حقوق الأردنيين.
مثلما أدنا قبل فترة سلوك نواب أطلقوا على أنفسهم "نواب المخيمات" وحشروا أنفسهم كممثلين لفئة من الأردنيين، ندين بشدة سلوك النواب الجهويين، مهما تكن توجهاتهم ونياتهم، فهم لا يعبرون عن مكنون العمل النيابي، ويعملون على تفتيت المجتمع الأردني.
منذ فترة تزدحم مواقع إلكترونية بأخبار عن تعيينات وتنقلات جهوية، في مواقع ومراكز حساسة، بعضها أكد ذلك بكشوف أسماء قامت بها حكومة القاضي عون الخصاونة، وتقوم بها الآن حكومة فايز الطراونة، إذا كان هذا صحيحا، وفي بعضه صحيح، فهذا الذي يحتاج إلى ثورة النواب وغضبهم واستيائهم، لا أن يدافع كل أبناء منطقة عن حصتهم، وهذا أيضا الذي يحتاج أن تقوم هيئة مكافحة الفساد بواجبها تجاهه، من دون أن تنتظر بلاغات من أحد.
( العرب اليوم )