الأردن: حالة للفهم

لا يمكن لبلدنا أن يكون صورة عن النظام السوري باسم الحرية والديمقراطية والقومية. ولا نقبل أن يكون صورة لجماعات تحمل السلاح، وتستعد لنهب الثورة السورية كما نهب محازبوهم ثورة مصر، وثورة ليبيا وثورة تونس!!.
لقد تفرّد الأردن دائماً بأنه لم يكن تابعاً لأي نموذج عربي اقامته الديكتاتوريات العسكرية أو الأحزاب التي شكلت دائماً واجهة «عقائدية» للديكتاتوريات العسكرية. وقد اتهمنا طويلاً بأننا من جماعة الاستعمار القديم، ونحن من أنهى هذا الاستعمار. وبأننا من جماعة الاستعمار الجديد، ونحن من وقف إلى جانب العرب حين اعتدى طغاة الأرض عليهم وها نحن نتعامل مع القوى الكبرى تعاملاً قائماً على الاحترام، والثبات والاستقرار.
ونقول للذين يتصورون الأردن مادة سهلة للابتزاز، وساحة للعب الحزبي، ومنصة للقفز منها على مغامرات إقليمية ليست في صالحنا.
.. نقول: فاتكم أن تقرأوا جيداً تاريخ بلدكم، وأن تفهموا روح النظام منذ عبدالله المؤسس إلى عبدالله الثاني. ولو كنتم تقرأون هذا التاريخ جيداً لوصلتم إلى اليقين بأنّ النظام السياسي الذي تجسّد بالأمير وبالمؤتمر الوطني الأول، وبالملك وبالوحدة الأردنيّة – الفلسطينية، وبالتحرّر من المعاهدة، والانتداب، وجون باغوث كلوب إنما كان يحمل الطابع ذاته: العرب، وقوميتهم، والأردن وشعبه العظيم!.
الأردن هو الأردن!. لا يمكن أن يكون ديكتاتورية عسكر، ولا يمكن أن يكون رهينة حزبية ضيقة خارج محيط التمدن والحرية والكرامة. ونحن الآن أمام تجربة سموها الربيع العربي، ونسميها الفوضى المنظمة التي تأخذ ملامح المنطقة في حين ان صانعيها في واشنطن وموسكو وباريس ولندن. وهذه سوريا أم الثورات وقلعة الأُمّة تقع في يد هذه الفوضى، وفي يد طغيان لم تشهد المنطقة دموية كدمويته، وقسوة كقسوته.
اننا نشعر بالحزن، ونحن نشهد حركات في قلب الوطن الاردني تستلهم الطغيان الدموي، وتستلهم الفوضى المنظمة وكأن روح الامة وتراثها هما خارج الوطن وقابعان في عواصم القوى الكبرى التي تصدّر لنا كل شيء: الانحطاط وشعارات الحرية، والديمقراطية، والطغاة، والدم، وقتل آلاف الاطفال والنساء، وتشريد ملايين الناس من وطنهم الى مخيمات اللجوء والحرمان والتراب. ( الرأي )