الآثار الاقتصادية والسياسية للفساد
ينطوي الفساد على أثار بالغة الخطورة مدمرة للجميع وبوصف الفساد يمثل احد أشكال السرقة العامة لثروة الوطنية فانه يتسبب في تسرب الأموال العامة بطرق غير مشروعة إلى جيوب مرتكبي الفساد وغالبا "ما تجد طريقها إلى الخارج بدلا " من توظيفها داخل البلاد لجلب المنفعة العامة .
والفساد كالجرثومة الخبيثة تفترس الحكم الجيد وتدمر الشرعية السياسية وتغتصب المواطنين العاديين وتهمشهم في الحياة السياسية بل ويسهم الفساد في تشويه القرار الاقتصادي والسياسي فتكون الخيارات والقرارات خاطئة فتسبب في تحويل الخدمات من الفئات التي هي بأمس الحاجة إليها إلى جماعات المصالح المكتسبة (حراس المصالح ) .
وعندما يستشري الفساد فيا المجتمع ويتحكم به تهتز أركان الحكم وتنقص سيادة القانون ويتمادى مرتكبو الفساد فيرفعون ثمن فاتورة الفساد بل ويتمادى في البحث عن وسائل جديدة للحصول على المزيد من الأموال بطرق غير مشروعة وعندما يستحكم الفساد بالمجتمع تدخل البلاد في دوامة (حلقة مفرغة)حيث يغذي الفساد في إطارها نفسه بنفسه وعندها تتعذر السيطرة عليه .
وفي ظل الفساد تتغير قواعد اللعبة السياسية فتتحول الأحزاب من أحزاب تسعى إلى تطبيق برامجها السياسية والاقتصادية إلى أحزاب تتولى توفير الخدمات والمنافع والمكاسب لناخبيها بغض النظر عن المصلحة العامة للمجتمع أي تتحول من أحزاب سياسية غلى أحزاب بيروقراطية تسهر على مكتسباتها الشخصية .
والفساد يشكل عقبة كأداء في طريق إنجاز المهام التي ينشدها المجتمع ويتسبب في سوء توزيع الدخل القومي توزيعا "عادلا بين لبناء المجتمع والاك ثر من ذلك عندما تتسع دائرة الفساد فان هذا يوثر سلبا على التنمية الاقتصادية برمتها فتتراجع معدلات النمو والإنتاج كون الفساد يشكل قيدا على حرية المنافسة فيعمد إلى تقييدها الآمر الذي يؤدي إلى تردي مستوى معيشة المواطن وعندها تتسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء وتتعمق ظاهرة الاستقطاب الاجتماعي وتتراجع الخدمات العامة كالصحة والتربية والتعليم نتيجة إدارتها من مسولين فاسدين ينهبون القسم الأكبر من الأموال المخصصة للأنفاق العام .
والبيئة الفاسدة تنطوي على آثار مدمرة للمجتمع إذ يضعف الشعور بالمواطنة وتهتز ثقة الناس بالدولة وموسساتها وكذلك انتهاكا صارخا للحقوق والواجبات فيؤدي إلى تأكل راس المال ويضعف من الدور الذي تلعبة القوانين والأنظمة النافذة في البلاد ناهيك عن انتهاك الشرعية السياسية وعندها يصل المواطن إلى قناعة إن لا جدوى من محاربة الفساد سوى القبول به والتعايش معه فتشهد البلاد نزوحا غير مسبوق من الكفاءات والمؤهلات إلى الخارج.
وهكذا فان الفساد هو إساءة استخدام السلطة من اجل تحقيق منافع شخصية لمصلحة شخص أو جماعة والفساد يمارس باتجاهين تشتمل على القطاعين العام والخاص ويشيع في ظل الإدارة السيئة وحيثما تكون الأجهزة الرقابية مهمشة، فان الفساد يتسبب في عرقلة ووقف عجلة التنمية ويحول دون جذب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد ويحجب عن الدولة المساعدات والمعونات الدولية.