ظلال من العيد

سوريا كانت الحاضرة في كل عيدنا، بحزنها ووجعها ودمائها ولاجئيها وشهدائها. كانت معنا وبنا مثل غصة الماء. ولكن ما بيدنا إلا دعواتنا الكبرى، أن يفرّج الله كربهم، ويعجّل برحيل الطاغية وأزلامه وشبيحته. كان عيدنا منقوصاً، وسيكتمل قريباً.
وكالعادة يبدأ العيد بزخات رسائل التهنئة المعلبة، التي لا تنم في غالبها عن شفافية مشاعر، بل إن استسهال الأمر جعلنا محمولين على إعادة ما وصلنا من هذه الرسائل. كنت أريد رسالة تخصني وحدي، هكذا كان البعض يهمس، عندما تأتيه الرسائل متشابهة، إلا في أرقامها!.
تراجع منسوب المصلين في صلاة العشاء بعد ثبوت العيد، فالأمر كان مثيراً للحزن في كثير من المساجد، التي كانت تغص بهم حتى ترقوتها، وإذ بها تخلو إلا من صف أو صفين: نستهجن علاقة البعض بالعبادة وملازمتها لرمضان فقط!.
تدافع كبير في زيارة المقابر بعد صلاة العيد، واغلاق للشوارع المؤدية إليها. ولكن أليس الأولى زيارة الأحياء؟!، فكم من متخاصمين تحتك أكتافهم على بوابات المقابر، فيشيحون بوجوههم بعيداً، ولا يقرأون السلام إلا للموتى وقبورهم الدامسة. متى نقدّر معنى العيد ونبادر، فالعمر أقصر مما نتصور!.
بعض الآباء الذين ظلت عالقة بهم بقايا من طفولة محرومة، تحججوا بأطفالهم، واشتروا كل لعب الأسلحة التي لم ينالوها في صغرهم، علهم ومن قبيل التجريب يشنون حرباً خاطفة على عمر فات بلا مسرات!!.
أحزنني ذلك الانكسار في عيون الأطفال، الذين تتلف مسدساتهم وبنادقهم وألعابهم حال فض غلافها، أو بعد مداعبتين أو أدنى، وهو أمر يجعلني أتساءل. من المسؤول عن إدخال (زبالة) الصين إلى أطفالنا؟!، ألا توجد رقابة على جشع التجار؟!.
زيارات الولايا من أخوات وخالات وعمات، لربما تأخذ صيغة الواجب الثقيل، وتمثل هماً على الكواهل، فأحدهم وصف المشهد كمن يحمل على ظهره (قلاب حجارة). صلة الرحم إن لم تكن عن طيب خاطر وسماحة، فلا يعول عليها!!.
مسدسات الخرز، ما زالت تجتاح البلد، وكأن قراراً صارماً لم يصدر بمنع استيرادها أو بيعها، لضررها الكبير على الأطفال. لكنها بعد القرار الصارم صارت تباع جهارا لأطفالنا؛ لأنها تدخل البلد بمسمى: اكسسوارت زينة. وظلت المستشفيات مثل كل عيد تعامل مع عشرات الإصابات الخطرة في عيون الأطفال.
الحدث الأبرز، كان ترحمنا على البلديات، وعلى نظافة البلد، وتراكم القمامة التي أغلقت الطرقات. يا الله! كأننا عدنا بلداً نامياً في غياهب إفريقيا. عظم الله أجركم.
وحدها الانتخابات النيابية الموعودة ظلت غائبة عن لسان الناس، رغم اقترابها السريع؟!.
( الدستور )