عمان بلا «بسطات»..أكثر أمناً وجمالاً

تم نشره الجمعة 24 آب / أغسطس 2012 01:06 صباحاً
عمان بلا «بسطات»..أكثر أمناً وجمالاً
عريب الرنتاوي


صبيحة اليوم التالي لإجازة العيد، دخلت إلى جبل الحسين بحذر بالغ...كنت أنتظر الدخول إلى ساحة معركة بين رجال الأمن وأصحاب البسطات...توقعت مشاهدة عشرات السيارات المدججة بقوات الدرك ومكافحة الشغب...أصغيت بانتباه لما يمكن أن تكون صافرات لسيارات الإسعاف تهرع جيئة وذهاباً تنقل الجرحى والمصابين...حتى أنني توقعت أن أشهد عمليات “أسر” و”احتجاز رهائن” متبادلة بين الفريقين...كل هذا لم يحصل، جبل الحسين كان هادئاً على غير المعتاد...أكثر هدوءا من أي يوم مضى... الشوارع فارغة ونظيفة...لا أثر للبسطات وأصحابها (وبعضهم مسجل خطر)...لا أثر “للبنى التحتية” العشوائيات التي أقيمت عنوة فوق الأرصفة و”مسرب” من الشارع...الصورة بدت مختلفة تماماً عما كان عليه الحال منذ أزيد من عام ونصف العام.

في عطلة العيد، ذهلت بما استمعت إليه من قصص حول البسطات، تعديات أصحابها وتجاوزاتهم...أحاديث عن “الخاوات” و”البلطجة” و”الطعن” المتكرر...”زعرنة لم تعتق امرأة ولا طفلا ولا رجلا...حتى رجال الأمن بدو “عديمي القدرة” “قليلي الحيلة” حيال هذا الانفلات المُنذر بأوخم العواقب...سمعنا عن “عصابات منظمة” تقتتل مع بعضها البعض توزع “كواشين طابو” للأرصفة....تحمي هذا نظير مبلغ معلوم وتبتز ذاك...سمعنا عن “مولات” و”أسواق تجارية” يجري ابتزاز تجارها لفرض “خاوات”عليهم نظير حمايتهم...ومِمْنْ؟ من “حاميها حراميها”؟!

بدا أن الأمر قد بلغ نقطة اللاعودة...بدا أن أي تغيير للمشهد في وسط البلد وجبل الحسين وغيرهما من أحياء العاصمة، سيتطلب جراحة قاسية...كنت قرأت “تحذير” الباشا حسين المجالي، لكنني خشيت من “المداخلات السياسية” التي قد تعطل “القرار الأمني”...بيد أن حديث جلالة الملك في المسجد الحسيني، أشعرني بوجود “غطاء سياسي” صلب خلف القرار الأمني فأيقنت أن فوضى الشوارع والأرصفة في طريقها للنهاية قريباً.

أذكر قبل أعوام، أن “دورية” راجلة (وليست مؤللة) لموظفي أمانة العاصمة، كانت تكفي لإثارة الفزع في نفوس أصحاب البسطات (المتحركة والمحمولة) الذين ما أن يشتموا خبر وصول الدورية حتى يهرعوا لحمل ما خف وزنه وغلا ثمنه من أحمالهم للهرب به من أمام سيارة جمع المواد المصادرة...يومها كان أصحاب البسطات من الفقراء و”الغلابى” الباحثين عن لقمة العيش الصعبة...كنا نتواطأ معهم بل نرشدهم إلى “ملاذات آمنة” يختبئون بها ويخبئون فيها بضائعهم الرخيصة وغالباً ما كانت من “الترمس” و”الفول” “والذرة المسلوقة”.

أما في الآونة الأخيرة، فقد اختلفت طبيعة البسطات و”هوية” أصحابها وبائعيها...ليست متحركة بل ناهضة على بنى تحتية صلبة....ليسوا فقراء ولا معدمين...ليسوا أفراداً بل شبكات....يثيرون الخوف وينشرون العنف والبلطجة...صارت الشرطة تخشاهم (دع عنك رجال الأمانة) ... تسللوا إلى الأرصفة ثم ما لبثوا أن “استوطنوها” ومعها نصف الطريق العام.. صار أصحاب المحال التجارية يطلبون الأذن منهم كي يدخلوا إلى محالهم أو ينزلوا بضائعهم...صاروا مصدر قلق وتحسب بعد أن كان أسلافهم مدعاةً للعطف والتضامن.

الدولة قادرة، وهي إن شاءت فعلت...المسألة ليست عند رجال الأمن، المسألة عند رجال السياسة...الدولة قادرة على استعادة هيبتها إن تُرك لمؤسساتها وأجهزتها أن تعمل بعيداً عن سياسات المحاباة والاسترضاءات و”الامتيازات”، وإذا قررت بسط سيادة القانون على الجميع من دون استثناء...الدولة قادرة إن قرر رجالاتها أنهم “رجالات دولة” وليسوا موظفين بنظام المياومة.

عمان أجمل من دون “بسطاتها” وأكثر أمناً وأماناً..دعونا نطالب “الدولة” بعدم التخلي عن وظائفها أو “الاستقالة” منها...دعونا نأمل أن يكون ما حصل من “تنظيف” لشوارع عمان، سياسة ثابتة، لا فزعة من فزعاتنا المعتادة بعد كل إشارة أوإيماءة أو زيارة ملكية.

( الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات