هذا زمن المصارحة

  
أمام صيحات المظلومين وصرخات المكلومين، لا مجال للمسؤولين وعلى رأسهم رئيس الحكومة أن يلوذ أحدهم بالصمت، أو يضع في إحدى أذنيه طيناً وفي الأخرى عجيناً، خاصة إذا كانت هذه الاستغاثات تتعلق بمخالفات دستورية وقانونية صارخة، لا تحتمل مزيداً من اللامبالاة، ومزيداً من سياسات الطبطبة، وسياسات تقطيع الوقت، والاتكاء على فرضية النسيان والذاكرة الضعيفة للشعوب.
لقد جاءتني عدة رسائل من جهات عديدة وأطراف كثيرة، بمناسبة الحديث عن الاستملاك الحكومي لآلاف الدونمات من أراضي الأملاك الخاصة لعشائر الرمثا وبني عبيد لأغراض عامة، ثم جرى تحويل بعضها لأملاك خاصة في مخالفة صريحة وواضحة للمادة (11) من الدستور الأردني، يقولون فيها بأن الاعتداء على الأملاك الخاصة للمواطنين لم يقتصر على أراضي الشمال، بل هناك اعتداءات مشابهة في معظم بقاع الأردن، وما جرى في أراضي "المشقّر" على طريق مأدبا عندما تم استملاك آلاف الدونمات من أراضي المواطنين وأملاكهم الخاصة لمؤسسة حكومية عامة وتحويلها لملك عام، شيء مشابه.
إذ تفاجأ المواطنون أن هذه الأراضي بدأ تحويلها إلى ملك خاص عن طريق البيع والتفويض، وقد تم بيع جزء كبير منها لشركة خاصة استثمارية في مجال التعليم، من أجل بناء الجامعة الألمانية.
نطلب من رئيس الوزراء بصفته من يتولى الولاية الدستورية العامة ويتحمل مسؤولية حفظ الدستور أولاً وأملاك الأردنيين ثانياً أن يقوم بتوضيح هذه المسائل للشعب الأردني، وإذا كان ما يقال و يكتب غير صحيح وتعوزه الدقة، فعليه أن يوضح الصحيح والدقيق، و يشفي غليل الأردنيين في بيان جامع لكل هذه الاعتداءات على أملاك المواطنين، التي تناقض الدستور، ويجب معالجة هذه الاختلالات على الفور من دون إبطاء، لأن التغافل عنها ومواصلة إتباع سياسة استغفال المواطنين والتعالي عن مناقشة همومهم يوّلد شعوراً بالقهر والكبت المفضي إلى الانفجار.
هذا الموضوع يفتح الباب واسعاً على مصراعيه في قضية كبيرة ومهمة وخطيرة وحساسة تتعلق بحقوق الشعب الأردني كله ، وتثير قلقه على أرضه ومقدراته ودولته، التي تتعرض للنهب والسلب والاستيلاء، تحت ستار أصحاب النفوذ، وأصحاب السطوة الذين لا يردعهم قانون ولا دستور، ومسيرة الإصلاح تبدأ من هذه النقطة، فالمواطنون يريدون أن يشعروا بالحد الأدنى من الأمن على وطنهم وممتلكاتهم ومستقبل أبنائهم، و يصلوا إلى قناعة أن الحكومة وُجدت من أجل حمايتهم وحراسة ممتلكاتهم، وألا تكون الحكومات مصدر الرعب وفقدان الأمن، و ستارا للاستيلاء على أملاكهم الخاصة بطرق التفافية على الدستور والتشريعات.
إن حركة الوعي الأردني سوف تكبر وتكبر وتنتشر، و تصحح الاختلالات التاريخية كلها بحق الأردن والأردنيين مهما طال الزمن.

( العرب اليوم )