حكومة الفوز بالإبل والشتائم

تعديل جديد لقانون المطبوعات والنشر يعني فرض قيود جديدة على النشر، إذ هذا المعتاد في كل مرة يطرح القانون للتعديل، وهو قد عدل خلال السنوات الخمسة عشر الأخيرة اكثر من عشر مرات لذات الهدف دائما.
المطلوب تقييده هذه المرة هو المواقع الصحفية الالكترونية، وربما معها المحطات الفضائية المحلية التي تبث برامج حوارية ايضا، ولدى الحكومة ما تسوقه من اسباب، وهذه المرة ستجد من يقف الى جانبها بقوة من النواب الذين سيمرر مجلسهم التعديلات الحكومية وقد يضيفون عليها مقيدات اكثر؛ إذ إنهم اكثر غضبا على المواقع الاخبارية من الحكومة التي ستنتصر دون اكتراث لما ستناله من نقد وسمعة غير طيبة. بطبيعة الحال ستسوق الحكومة مسالة الانفلات، وستتحدث عن الاخطاء التي وقعت في عدد من المواقع، وستجد والنواب معها العديد من القصص والاحداث للاستشهاد بها. وحقيقة الامر أن اخطاء كثيرة حصلت، وأن بعض المواقع انحرفت عن المهنية؛ تحقيقا لمصالح خاصة، او لخدمة جهة مقابل اخرى وما الى ذلك من امور تحسب عليها وليس لها، وأنه كان هناك بالمحصلة ركوب للصحافة وليس أعمالا صحفية.
غير أن كل ذلك لا ينبغي له ان يأخذ الصالح بجريرة الطالح، إذ هناك مواقع على سوية عالية من الالتزام والمهنية المحترفة، وهذه تستحق الدعم والتسهيل عليها، وليس تحميلها وزر غيرها. وإذا كان من حق الحكومة معالجة الاختلالات، فإن من واجبها حماية الصحافة الوطنية التي هي الاهم من الذين دفعوها إلى تعديل القانون. الخشية أن يكون كل الظاهر من الأسباب الحكومية رغم ما قد يكون بها من وجاهة ما هو مخفي خلفها، وأن يكون المقصود فعلاً من التعديل الصحافة النزيهة؛ لما فيها من نقل للحقائق التي تنال من رموز الفساد، ومراكز القوى غير الشرعية ومجموعات الشد العكسي، وما تتيحه لنشر الآراء المخالفة للسياسات الرسمية. ليس خافياً ان احد اهم الاسباب -إن لم يكن الوحيد- دعوة مجلس الامة لدورة استثنائية هو تعديل قانون المطبوعات، وليس من قبيل الصدفة التزامن مع ما تم لفضائية جوسات. اما الذهاب حقا نحو التشدد فإنه سيجر ويلات، وليس حلولا او اعادة عقارب الساعة للوراء، فالناس تغضب هذه الايام لأقل سبب، فما بال الحكومة ان تم سلبهم حقوقا.
( السبيل )