نعم لمعارضة مرسي والإخوان!

لا نفهم الدعوات والفتاوى الرعناء التي أطلقها البعض هادرة دم من يعارض حكم الإخوان المسلمين في مصر، إلا باعتبارها آراء شاذة عن النص الشرعي والقانوني والسياسي، فالمعارضة ضمان لعدم تغول جهة على مقاليد الحكم في البلاد، وهي سمة من سمات الدولة المدنية الديمقراطية، ومن حق صاحب رأي أن يعبر عما يجول في خاطرة بالطرق السلمية المعروفة، فحرية الرأي والتعبير هي نفسها التي جاءت بحكم الإخوان ومرسي!
الموقف الرسمي لإخوان مصر والرئيس مرسي لم تشبه أي شائبة، فقد كان منضبطا باللعبة الديمقراطية، وكل ما خرج خلاف ذلك لم يكن معبرا عن حقيقة هذا الموقف.
نفهم أن بين من خرج بالأمس رافعا شعار «لا لحكم الإخوان» من هم من اذناب النظام المخلوع، ومن اساء فهم الإخوان، أو حتى لا يريد ان يفهمهم وليس معنيا بهذا، لكن بين هؤلاء أيضا أصحاب وجهة نظر معتبرة، يعارضون من حيث المبدأ حكم الإخوان، وما يسمونه «هيمنة الإخوان» على مقاليد السلطة، الخلاف الجوهري هنا من يدعو إلى إسقاط الرئيس عن طريق المظاهرات والفوضى، هذا ليس سلوكا ديمقراطيا، فالرئيس جاء عبر صناديق الاقتراع، وإسقاطه يتم بالطريقة نفسها، أما الضجيج والجعجعة التي يطلقها أعداء الرئيس فهي شرب من الغوغائية المرفوضة.
معارضة الإخوان واجب ديمقراطي، وهم ليسوا استثناء، لأنهم مجرد جماعة سياسية تهتدي بهدي الإسلام، وليست ناطقة باسم الإسلام، وليس لهم أي قداسة من اي نوع، فهم بشر يجتهدون ويخطئون، واستئثارهم بكامل المشهد السياسي أصلا ليس في مصلحتهم، لأنهم يحملون في هذا حملا لاقبل لهم به، فبناء الأوطان التي دمرتها الدكتاتورية المطلقة والفساد السرطاني يحتاج لجهد وطني يشارك به الجميع دون استثناء أحد.
طبعا لا يقلل من أهمية ما جرى، أن من شاركوا في مظاهرات الأمس المعارضة لمرسي والإخوان لم يكونوا بالحجم الذي يعتد به، لأن مسألة الأعداد لها حساباتها الأخرى فثمة من يعارض الإخوان ولم يخرج، كما أن ثمة من يؤيدهم ولم يخرج أيضا، المهم أن هناك معارضة، ويجب أن تتأطر وتنظم، كي يجتهد حكام مصر الجدد ويسددوا ويقاربوا ويعرفوا أن هناك معارضة تتربص بهم، وتبحث عن اخطائهم، كي لا يقعوا فيها أصلا!
وجود المعارضة ليس جزءا من اصول اللعبة الديمقراطية فحسب، بل هي سمة بشرية لم تغب حتى عن عهود الإسلام الأولى، ويجب التعامل معها بمنتهى التسامح والاستيعاب والحوار.(الدستور)