هل ثمة ثورة في سورية ومصر وتونس

من الذي قرر أن ما جرى ويجري في سورية ومصر وتونس وغيرها, ثورات شعبية, وما هي الثورة أصلا..
اذا كانت الدوائر الاستخباراتية الأمريكية والبريطانية والفرنسية تعرف ماذا تفعل وماذا ترى, وإذا كان الرأي العام ليس مشغولا بالمفاهيم, وإذا كانت الرجعية وجماعات الإسلام الأمريكي والبريطاني, سعيدة بالتباس المفاهيم والتواطؤ الأمريكي والأوروبي وكل قوى الاستعمار القديم والجديد معها, وإذا كان بعض المثقفين واليساريين قد باعوا انفسهم في موسم الدولارات وأكاذيب حقوق الإنسان وجماعات التمويل الأجنبي المشبوهة, فلماذا غاب المثقفون الحقيقيون وتورطوا في التشوش والاضطراب الفكري..
تعالوا نناقش المفهوم ابتداء لنعرف أين نضع أقدامنا ولا يأخذنا الهبل (السياسي) وراء الرجعية والدوائر الأطلسية..
لن نتخندق ونتحصن خلف مفهومنا الخاص للثورة, المفهوم اليساري, الذي يرى الثورة, ثورة طبقة بروليتاريا عمالية ضد الرأسمالية مع مهام التحرر الوطني والقومي في (العالم الثالث) بل سنذهب إلى توافقات عامة في ضوء التجارب الثورية المختلفة. فالثورة إما ان تكون برجوازية ديمقراطية تلعب فيها الحريات الفردية وحقوق الإنسان وفصل السلطات وتداول الحكم دورا أساسيا, وإما ان تكون ثورة تحرر وطني وقومي ضد احتلال استعماري مباشر او غير مباشر, وإما ان تكون ثورة اجتماعية أو خليطا من الاجتماعي والوطني.
الثورة البرجوازية الديمقراطية ونموذجها الثورة الفرنسية انتهى عهدها وعصرها مع بقاء بعض مهامها الديمقراطية, ومثلها الثورات الوطنية من اجل الاستقلال, وقد انتهى عصرها مع بقاء بعض مهامها الوطنية, وتبقى الثورات الاجتماعية مع خليط من المهام الديمقراطية والوطنية.
نحن إذاً أمام نموذج او حالة الثورة الاجتماعية (ضد التبعية الرأسمالية وطبقاتها وقواها والغطاء الايديولوجي لها) اضافة لهذه السمة الأساسية (الثورة ضد التبعية الرأسمالية) هناك سمات اخرى تحتل اهميتها بعلاقاتها مع السمة الاساسية المذكورة وليس بالرغم عنها او ضدها (الديمقراطية)..
في ضوء ما سبق هل يمكن اعتبار ما جرى ويجري عربيا ثورات شعبية, وكيف يستقيم ذلك مع دعم قوى الاستعمار والرأسمالية والتبعية والرجعية (للثورات المزعومة)..
هل ثمة ثورة اجتماعية يمكن ان يدعمها الرأسماليون وهل ثمة ثورة وطنية يمكن ان يدعمها الاستعماريون وهل ثمة ثورة ديمقراطية, يمكن ان يدعمها الرجعيون ويقاتل في صفوفها التكفيريون..
وبالمجمل هل ثمة ثورة يعقد لها وزراء خارجية الأطلسي اكثر من مؤتمر ولا يترددون عن فتح مخازن الأطلسي أمام ثوراها الأشاوس كما حصل في ليبيا وكما يحصل في سورية .(العرب اليوم)