في زمن الخرفيش !

محاولة رصد المستقبل للأشهر الأربعة الباقية، ومعرفة إمكان حصول الانتخابات النيابية قبل نهاية العام، لا تدل على أن رئيس الوزراء د. طراونة يحاول إطالة عمر وزارته!!.
هناك بساطة في فهم الأشياء في بلدنا. فإذا شاء صاحب القرار، وهو هنا الملك فقط، أن يعيد د. طراونة إلى رئاسة الوزراء، ويكلفه بتشكيل الوزارة بعد حلّ مجلس النواب.. فذلك لا يتعارض مع الدستور الذي ينص على استقالة الحكومة التي تحل المجلس النيابي. ويمكن في هذه الحالة أن تجري حكومة د. الطراونة الانتخابات!!.
وإذا شاء صاحب القرار مرّة أخرى أن يعيد د. الطراونة إلى رئاسة الحكومة بعد أن يجد أن أكثرية ما غير قادرة على تشكيل حكومة نيابية. فذلك ممكن، ولا يتعارض مع النص الدستوري!!.
نحن في بلدنا لا نخترع العربة حين يمارس حقنا الانتخابي. فقد كان لدينا مجلس تشريعي منتخب عام 1929. وقد شهدت الساحة السياسية في التجربة الأولى مشهدين نيابيين غاية في الإثارة:
فقد حلَّ سمو الأمير في الأولى المجلس التشريعي لأنه لم يتفاهم مع الحكومة، وفي الثانية حلَّ سموه حكومة الشيخ سراج لأنها لا تتجاوب مع المجلس التشريعي. فالأمير، رحمه الله، كان يلعب دور الحكم، وكأن بلدنا صاحب تجربة ديمقراطية عمرها عشرات السنين.
الذين يطالبون بتعديل الدستور، للوصول إلى سلطات الملك، لا يفهمون استقرار السلطات ودور الملك. لأنهم في الأساس لا يؤمنون بالدستورية الموضوعة، وإنما هم يتسلقون الديمقراطية، ويستغلون التقاليد والأعراف ليصلوا إلى الحكم. وتكون الأخيرة!!.
الشعب يصنع سلطات الملك، والمرحلة ومقاييس الحياة المدنية وليس أي حزب أو أية أحزاب. ذلك أن مطلب الشعب غير مطلب الحزب طالما أن الاستقرار هو مطلب الناس وطالما أن الانقلابية هي مطلب الحزب.
في فترة ما كان المغفور له عبدالله المؤسس يناقش «الشباب الأحرار» الذين يطالبون بان يكون الشعب مصدر السلطات، وكان الملك يسأل: هل انتم تفهمون ان المجلس التشريعي هو الشعب؟ وهل تعتقدون ان أي شيخ عشيرة يستطيع ان يجمع عددا كافيا من النواب للإطاحة بوزير لا يلبي مطالبه؟
وكان، رحمه الله، يقول: أنا أسست هذا الكيان وأنا رأس السلطات، وما يزال الملك في دستورنا المطور هو رأس السلطات.
الشعب يريد الاستقرار والثقة بالمؤسسات الدستورية، ويريد حرية الاختيار.. وإذا فشلنا.. إذا فشلت أية حكومة في فهم ما يريده الشعب فهذا لا يعني أن المطلوب هو الانقلاب على استقرارنا ودستورنا وتاريخ بلدنا.(الرأي)