ماذا يجري في سوريا؟

وصلت الأحداث في سوريا إلى مرحلة كسر العظم ، ولم يعد أحد قادراً على النأي بنفسه عن تلك الأحداث والامتناع عن اتخاذ موقف إيجابي أو سلبي من هذا الطرف أو ذاك.
في الساحة الأردنية منطلقات متعددة لاتخاذ مواقف تعطي نتائج وتوجهات مختلفة بل متناقضة. هناك مثلاً الموقف العقائدي الذي تجسده عبارة عنزة ولو طارت. وفي هذا المجال نلاحظ التناقض التام بين مجمل الأحزاب اليسارية التي تفسر ما يجري على أنه مؤامرة صهيونية أميركية خليجية ضد محور المقاومة المكون من إيران وسوريا وحزب الله ، وبين جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين من جهة أخرى الذين يرون أن ما يجري في سوريا هو ثورة شعبية ديمقراطية من أجل الحرية والكرامة والتخلص من الظلم والاستبداد.
الجانبان يريان الأمور باللونين الأبيض والأسود. وهما يصدران أحكاماً وإدانات قاطعة معروفة ومتوقعة سلفاً ، كما تدل قراءة المقالات ذات الصلة التي تنشرها الصحف الأردنية يومياً.
وهناك الموقف البراجماتي الذي يحسب الأرباح والخسائر ، ويأخذ الموقف الذي من شأنه زيادة المنافع وتقليل الأضرار. وهذا واجب الحكومة الأردنية ، المناط بها خدمة أمن ومصالح الأردن أولاً. ومن هنا نرى الموقف الأردني الرسمي يتأرجح ، بحيث يمكن تسميته موقفاً متحفظأً ، أو حياداً إيجابياً ، أو مسك العصا من الوسط والمراهنة على الحصانين معأً ، وعدم قطع شعرة معاوية لا مع النظام ولا مع الثورة على النظام ، وهو موقف يتطور تدريجياً على ضوء الواقع.
وهناك الموقف الانتهازي الذي يراقب الوضع ، ويرى أين تميل الكفة ليلتحق بالجهة التي يتوقع أن تكسب المعركة. ينطبق ذلك على كثير من المحللين والمعلقين الذين تتحول مواقفهم تدريجياً من جهة إلى أخرى ، فينقلون بنادقهم (أقلامهم) من كتف إلى آخر.
ليس هناك جهات هامة يعتد بها ، تحسب موقفها من الصراع الدائر في سوريا على ضوء الحق والباطل ، الخير والشر ، الصح والخطأ ، فهذا يتطلب قدراً من الحياد والموضوعية ليس لهما وجود يذكر في عالم اليوم ، خاصة وأن هناك حقائق ووقائع تجعل المحلل الموضوعي يحار بين الطرفين ، وقد يصل إلى رفض الجانبين معأً ، ومن هؤلاء من يقول: صحيح أن النظام السوري سيىء ويستحق الإسقاط ، ولكن القائمين ضده أسوأ منه.(الرأي)