الاعلام والممنوعات في قانون المطبوعات والحث على الانتخابات

المدينة نيوز - تعاطفت على نحو ما مع الزميل رياض الحروب صاحب محطة جوسات المقفلة بقرار لا أب له عندما تلمست مستوى الإحراج الذي شعر به شيخ المعلقين الرياضيين الزميل محمد قدري حسن وهو يحاول الإفلات من كلمة (نابية جدا) قالها على الهواء مباشرة رئيس أحد نوادي الرياضة عندما كان قدري يسجل تعليقا لصالح التلفزيون الأردني بعد مباراة الوحدات والرمثا في كرة القدم.
الحروب كان قد وجه رسالة إعتذار للملك سأل فيها عن الكيفية التي تتيح له ولطاقم محطته السيطرة على كلمات وعبارات شاذة تصدر عن أحدهم أثناء التسجيل على الهواء مباشرة ... عمليا أثبت ما حصل مع زميلنا الرياضي أن ذلك (غير ممكن) فضيفه على الهواء إستخدم كلمة شوارع دارجة في وصف حكام المباراة.
إرتبك المعلق الرياضي وحضرت ردة فعله سريعا عندما قال: هذا ليس موضوعنا... طبعا الكلمة النابية التي قيلت للناس لا يمكنها بحال من الأحوال أن تكون موضوعا.
السؤال الأن بعيدا عن الجانب الفني والتقني: لماذا نلطم ونجلد الذات بسبب ثلاثة رياضيين إتهمتهم سلطات إيرلندا بإستراق النظر والتحرش في قضية لا زالت قيد التحقيق ما دام رئيس لأحد أكبر الأندية يستخدم كلمة نابية في تعليق رياضي على الهواء مباشرة؟
المفارقة أن كلمة رئيس النادي النابية مرت كطرفة وبإعتبارها (هفوة) حيث لم يعتذر الرجل ولم يعتذر التلفزيون ولم تفكر أي من جهات السلطة بإغلاق تلفزيون الحكومة أو وقف بثه في الوقت الذي إنقطع فيه بث محطة جوسات تماما لأن ضيفا في برنامجها تلفظ بعبارات حادة ثقبت السقف.
الصالح في قضية جوسات أخذ بعروى الطالح فمن شتم وتجاوز الحدود وإتهم بدون دليل أو وثيقة وجهت له نفس إتهامات نشطاء سياسيين إعترضوا وعارضوا بكلام سياسي مهذب والهدف تقديم برهان جديد على أن صدر السلطة واسع جدا ويحتمل حريات التعبير والرأي الأخر لدرجة أن جمهور مدينة إربد شمالي البلاد هتف قائلا (نسيوا السرقات وركزوا على التعليقات) .. الإشارة هنا لتعديلات قانون المطبوعات الجديدة التي تعتبر التعليقات في الصحافة الإلكترونية التفاعلية جزء من النص الخبري يستوجب المساءلة.
قرر الحراك في بلادي أن يستمر ويبقى بكل الطرق الممكنة وأظهر قدراته الفائقة على الإحتفاظ بذاكرته عندما تصرف بعض مناكفي الحراك مع اللافتات العملاقة التي زرعتها الحكومة في الطرق العامة لإقناع الناس بالذهاب إلى وزارة الداخلية بهدف التسجيل للإنتخابات وهي لافتات تنبهت لها فضائية الجزيرة وكذلك فضائية بي بي سي على هامش تقاريرهما الإخبارية.
مثلا في مدينة مادبا وضعت لافتة عملاقة تقول (الأردن ..يستحق صوتك).. أحد الأشقياء حضر في جنح الليل وشطب كلمة الأردن ووضع بالدهان الأسود مكانها كلمة (الفاسد) .. عمليا أصبحت العبارة (الفاسد يستحق صوتك).
.. الزميل ضرغام هلسه أحد أبرز أقطاب الحراك في الجنوب كانت له مداخلة أكثر طرافة تظهر مرونة الحراك وقدراته على التسامح فقد نشر الرجل على فيس بوك صورة النائب المتمرس برمي الأحذية وإظهار المسدسات والهجوم على كل من يخالفه الرأي مع رسالة موجهة للمؤسسة الأمنية تقول: الأعزاء في الأجهزة الأمنية نعلم بأنكم تريدون ممثلين لكم في البرلمان .. فقط المرة المقبلة ما نطلبه منكم أن تستنظفوا قليلا .
ووضعت السلطات على مدخل إحدى المحافظات لافتة كبيرة تقول: صوتك أمانة .. بادر بالتسجيل للإنتخابات وجاء شقي آخر في عتمة الليل ليشطب العبارة ويكتب بدلا منها: ماشي .. أعيدوا لنا الفوسفات الذي سرقتموه أولا.
فضائية البلاد الرسمية بدورها إنتحرت وهي تناشد المواطنين للذهاب لعملية التسجيل للإنتخابات وقبل أسبوع فقط من إنتهاء المهلة القانونية مع تمديد دوام الدائرة المختصة حتى السابعة مساء لم يتجاوز عدد المسجلين 350 ألفا من المواطنين علما بأن العدد المطلوب مليوني مسجل على الأقل.
معنى ذلك واضح ..الشعب لا يصدق الحكومة ولا يثق بنزاهة الإنتخابات رغم أن أحد سحيبة الأفلام ممن يكرهون كل شيء له علاقة بإسم فلسطين ساوى بين الإمتناع عن التسجيل وبين تهمة الوطن البديل بعد أيام فقط من تقديم نفسه كمرشح طائفي محتمل يعتبر نفسه (ضرورة وطنية) .
الغريب أن هيئة إدارة الإنتخابات طالبت الجمهور بالذهاب للتسجيل مع ضمانات منها بأن لا يسأل المواطن عن أي موضوع آخر له علاقة بسحب الوثائق إذا ما توجه لإصدار بطاقة إنتخابية.. حصل العكس تماما فقد سحبت جنسية إمرأة عندما ذهبت لإستلام بطاقتها الإنتخابية.
ومهندس شاب أخبرني شخصيا بأنه توجه قبل أيام فقط لتجديد جواز سفره فعلم فجأة أنه (فلسطيني) رغم أنه غير خاضع لتعليمات فك الإرتباط ولا يحمل أي بطاقة جسور وولد في عمان وعاش طوال عمره أردنيا برقم وطني ويعمل منذ عام 1997 في الإمارات.
قالوا للشاب في وزارة الداخلية أنه لم يعد يحمل رقما وطنيا لأن والده كان عسكريا أردنيا وهرب عام 1970 في أحداث أيلول إلى سوريا وبذلك إكتشفت الدولة الأردنية فجأة هذه الحقيقة ووضعت جنسية الشاب على المفرمة وقت التسجيل للإنتخابات لكن المفارقة أن الشاب لم يعد أردنيا فيما لا زال والده الهارب قبل أكثر من 40 عاما يحظى بالرقم الأردني.
.. ببساطة وبصراحة لا يوجد تفسير للكذب الذي تمارسه مؤسسات رسمية على الناس إلا واحدا من إثنين .
الأول هو أن طبقة الموظفين التي تسحب الجنسيات ما زالت أقوى من الحكومة والقصر الملكي ووزير الداخلية وهيئة الإنتخابات، وإذا لم يكن الأمر كذلك فالتفسير الوحيد أن المؤسسة الرسمية تضللنا عندما تقول أنها تريد فعلا إجراء الإنتخابات عام 2012 .
الإجراءات التي إتخذها وزير الداخلية وصفقنا لها وضعت تعليمات فك الإرتباط على سكة قانونية ودستورية مقبولة للجميع لكن القوى الخفية تتفنن في في إختراع مبررات لسحب الجنسيات وآخر الفنون كانت تغيير الوضع الدستوري لأبناء وأحفاد من هربوا في أيلول.. شخصيا لم أر في حياتي حكومة تبتكر في إيذاء نفسها كالأردنية ثم تغني لنا كشعب: صامدون هنا.
على المنار أيضا تحدث الرئيس الإيراني أحمدي نجاد واصفا إسرائيل بأنها ورم سرطاني في المنطقة وردة الفعل حضرت من واشنطن حيث عبر البيت الأبيض عن شعوره بالصدمة وإعتبر نجاد حاقدا موتورا.
.. هنا تحديدا لدي رغبة بالإنضمام إلى أسرة الحاقدين الموتورين الذين يثيرون الصدمة فأنا أتفق مع نجاد على أن إسرائيل مشروع غير منجز في منطقتنا ولا مستقبل لها معنا وهي فعلا خلية سرطانية متورمة.
لكني سئمت كمواطن عربي فصمه الجار الإيراني عندما تحالف مع الشيطان الأكبر وكسر دولة العراق العظيم من كثرة الإستماع إلى تبادل التهديدات بين تلفزيون إسرائيل الذي يصر على أن النووي الإيراني خطر على إستقرار العالم ويتحين الفرصة للإنقضاض، وبين تلفزيونات طهران العشرة التي تكثر من التوعد بسحق ذيل الأفعى والتصرف مع الورم السرطاني الإسرائيلي .
يخيل إلي أحيانا أن طهران وتل أبيب تتفقان في كواليس المسرح على إبقائي قابعا خائفا قلقا في منطقة الإشتباك اللفظي بينهما وأخشى ما قاله لي يوما المخضرم عبد الإله الخطيب حيث ستجلس العمامة الإيرانية مع رأس الأفعى وخلية سرطانية إسرائيلية ويحصل تقاسم للنفوذ في المنطقة يصبح بعده النظام العربي المترهل الحالي ليس أكثر من فارق حساب. ( القدس العربي )