سبحان مغير الأحوال

في ميدان التحرير مظاهرات شعبية تعارض سيطرة الإخوان المسلمين على جميع مفاصل الدولة وسلطاتها التنفيذية والتشريعية ، وصفت بأنها بالمئات ، أي أنها صغيرة وغير مؤثرة ، ومع ذلك انبرى شبان الإخوان المسلمين لمهاجمتها ، والقيام بنفس الدور الذي كان يقوم به بلطجية النظام السابق ضد المتظاهرين من الإخوان وغيرهم. كذلك تم الحكم على صحفي لأنه تجرأ على انتقاد فخامة الرئيس ، فسبحان مغير الأحوال الذي يحول الضحية إلى جلاد .
الاقتراض من صندوق النقد الدولي كان رباً حراماً في عهد حكومة الجنزوري وأصبح حلالاً في عهد حكومة قنديل ، ويتطوع منظرو حزب العدالة والحرية ، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بالدفاع عن القرض بشكل يناقض كل ما كان يقول به الإخوان عندما كانوا في المعارضة.
يقول ممثل حزب العدالة والحرية على شاشة بي بي سي أن صندوق النقد الدولي ليس بنكاً ربوياً ، ومهمته مساعدة الدول الأعضاء ، وما يسمى فائدة ليس سوى بدل المصاريف الإدارية للصندوق ، أي أنها فائدة حلال ، ولم تعد ربا كما كانت في عهد النظام السابق.
ويقول أن صندوق النقد الدولي لا يفرض شروطأً ، فالحكومة هي التي تضع البرنامج فيوافق عليه الصندوق ويقدم قرضاً يرتبط الصرف منه بالتنفيذ. لم يعد الصندوق إذن شيطانأً وأداة في أيدي الدول الرأسمالية الغربية كما كان أيام الشعارات ، بل تحول اليوم إلى جمعية خيرية ، هدفها خدمة الشعوب!.
أما ما يسمى شروطاً ، مثل إعادة هيكلة الدعم ، فهذا ما كانت الحكومة الإسلامية سوف تطبقه تلقائياً ، ولو لم يطلبه الصندوق ، فالموضوع ليس سوى توارد خواطر (!).
إعادة هيكلة الدعم لم تعد تشكل رفعاً للأسعار وسحقاً للفقراء كما كان الحال في العهد السابق ، بل صارت إصلاحات اقتصادية. ومما يدعو إلى التأمل ما قال به ممثل الحزب الحاكم من ضرورة توجيه الدعم إلى مستحقيه ، وهي عبارة مألوفة جيداً!.
فرق كبير بين معارض يطلق الشعارات الرنانة ، كما كان الحال قبل الثورة ، وحاكم يواجه الواقع فيحلل لنفسه ما كان يحرمه على غيره.
لم يعـد الإخوان يطالبون باسترداد أموال الفساد قبل اللجـوء إلى القروض الربوية ، أو إصلاح الدعم ، أو فرض الضرائب ، أما الرضوخ لإملاءات الصندوق فقد تحول إلى مجرد توافق في وجهات النظر الإصلاحية.
ملاحظة أخيرة : ما يقول به الإخوان في مصر الآن تجاه التعامل مع الصندوق والاقتراض منه ، وتخفيض الدعم الاستهلاكي على المحروقات والكهرباء والمواد الغذائية ، وإعادة هيكلة أسعار الطاقة ، وتخفيض العجز في الموازنة صحيح ولكنه يكشف زيف الشعارات السابقة التي كان الإخوان بالأمس يجلدون النظام بها ، ويتخلون عنها اليوم.
( الراي )