عدم الانحياز وقمته!

تبقى قمة الحياد وعدم الانحياز كأعمدة جرش تدل على الماضي, لكن لا علاقة لها بزماننا!! فالحياد يحتاج الى طرفين يقف أهله في الوسط, وعدم الانحياز يحتاج الى معسكرين متصارعين يختار غير المنحاز طريقاً ثالثاً. وحين شرّع اباء عدم الانحياز في باندونغ تحالفهم في منتصف الخمسينات من القرن الماضي, اتفقوا على تكتل دولي خارج المعسكرين الرأسمالي والشيوعي, رغم أن شوان لاي كان رئيس وزراء الصين الاشتراكية, وان تيتو كان رئيس دولة يوغوسلافيا الاشتراكية, وكان نهرو رئيس حكومة الهند التي ترتبط بالكومنولث البريطاني.
لم يحدد اباء الحياد وعدم الانحياز – ومنهم طبعاً جمال عبدالناصر – تعريفهم لمبدأ هذا التكتل الدولي, ولذلك كانت مؤتمراته تتضخم حتى وصلت الى رقم اعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة اوتكاد. فاعضاء عدم الانحياز ليسوا معنيين كثيراً بالايديولوجيا, أو باخلاقيات التكتل الأم, وانما هم يمارسون تقليداً كل ثلاث سنوات دون تدقيق كثير!!
عاصمة قمة عدم الانحياز هذه الدورة هي طهران، وتحاول دولة آيات الله ان تجعل منها مناسبة من مناسبات القوة مع ان الاكثرية الكاثرة من الدول المشاركة هي دول تحاصر ايران برغبتها او دون رغبتها وان اصدقاء طهران الحقيقيين لا يزيدون في عددهم عن عدد اصابع اليد الواحدة، ومع ذلك تحاول طهران ان تبدو وكأنها عاصمة تيتو، او جمال عبدالناصر، او نهرو، او نكروما، وتدبج في بيان المؤتمر النهائي نصا يندد بالاميركان والغرب والشرق والشمال والجنوب، ولعلها تستكفي بموافقة جماعية على هذا البيان ويذهب كل الى بلده وكثر الله خير المعازيب.
محاولة واحدة تريد طهران طرحها على المؤتمر هي محاولة الدخول الى الازمة السورية بحل وسط في حين ان المسؤول الايراني يعلن انه لن يسمح بالوصول الى الاسد ويعلن ثوار سوريا انهم يسمحون فاين تبدأ طهران؟ وما الذي تقدمه لقمة عدم الانحياز غير ما يقدمه وزير الخارجية الروسي في تصريحاته؟
( الراي )