رعاية أبوية للدولة الأردنية حسمت ملفات البنك العربي
المدينة نيوز - جليسان لعميد البنك العربي سابقا عبد الحميد شومان ورثا رسميا ظهر الأحد كرسي الرئاسة العليا لهذه المؤسسة المصرفية العريقة هما رجل الأعمال الملياردير السعودي الجنسية والفلسطيني الأصل صبيح المصري والوزير الأسبق في الحكومة الأردنية لعدة مرات رجل الأعمال البارز سمير قعوار.
المصري وبعدعدة أيام من 'التمنع' والبحث عن خيارات بديلة لشومان في رئاسة مجلس إدارة البنك العربي أصبح رئيسا بصلاحيات محددة سلفا تحسبا لأزمة مماثلة لتلك التي أطاحت بعائلة شومان بعلم السلطات الأردنية وتشجيعها. ويمكن ببساطة ملاحظة أن المصري فرض بصماته وسيطر تماما على الإدارة العليا لواحد من أهم البنوك العربية حيث ضمن وجود نائب له في رئاسة البنك من دائرة الأصدقاء الشخصيين المقربين جدا منه وهو سمير قعوار على إعتبار أنه مساهم كبير في البنك ورجل له مكانته في خارطة الواقع السياسي الأردني.
وجود قعوار نائبا للمصري يكرس قناعة محللين كبار في السوق المالي والخارطة السياسية بأن خطوة الإنقلاب المبرمج على عائلة شومان ووضعها في دائرة الإنسحاب الدراماتيكي من بنك مهم أسسته العائلة عام 1930 مرسومة بالتوافق مع مؤسسة الدولة الأردنية فقعوار وزير وبرلماني سابق وموثوق تماما لدى مؤسسة القرار الأردنية الرسمية.
الأهم أن الرجلين المصري وقعوار ورثا عمليا الكرسي الذي ورثه عبد الحميد شومان أبا عن جد منذ أكثر من 70 عاما وهو أمر لم يكن من الممكن إنجازه لولا مساندة الدولة الأردنية الخلفية التي يبدو إنها إنزعجت من محاولات شومان المتكررة قبل إستقالته تعيين شخصية ناكفت النظام الأردني علنا في موقع المدير العام التنفيذي للبنك هي الشريف فارس شرف المحافظ السابق للبنك المركزي الأردني الذي تطلب ضمان إستقالته من منصبه الرسمي في حادث شهير تطويق أمني لمقر البنك المركزي الأردني.
وشرف نجل الراحل عبد الحميد شرف ووزيرة الإعلام الصقورية ليلى شرف عينه شومان مديرا عاما للبنك العربي الإسلامي وخطط لتعيينه لاحقا مكان المدير العام الحالي نعمة الصباغ المقرب من عائلة الحريري في موقف يعتقد أنه سر تفجر الأزمة التي إنتهت بإستقالة عائلة شومان مع أسباب أخرى لم تتضح لان شومان لم يتحدث بعد عن ما حصل وخيوط المسألة لم تنكشف بعد ولا أسرارها.
اللافت بطبيعة الحال أن ورثة شومان هم عمليا مجالسيه الوحيدين في العاصمة الأردنية فالرجل عرف عنه قلة الإختلاط وإبتعاده عن دواوين ومجلسات السياسيين وعلاقاته الشخصية كانت تنحصر عمليا بأربعة أشخاص بينهم صبيح المصري وسمير قعوار.
المثير في الأمر أن صبيح المصري جلس منتخبا بمعية قعوار على كرسي الرئاسة الجديدة وسط دعم ملموس من السلطة الأردنية العليا بعد زيارة خاطفة لجنيف إلتقى خلالها عائلة شومان كما يتردد وبعد عمل تقني مكثف كان قوامه الحفاظ على سعر سهم البنك العربي في السوق المالي الأردني لعزل تأثيرات إستقالة عائلة شومان.
لكن جواز مرور المصري بهذا الإنجاز السريع كان عمليا تركيزه خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس في عمان على 'أردنية' البنك العربي فقد ندد بكل سيناريوهات ترحيل إدارة البنك من الأردن وقال: العربي مؤسسة مصرفية ولدت أردنية وستبقى كذلك.
وفي نفس السياق حاول المصري تبديد المخاوف العامة والرد على كل الأسئلة الحائرة حول الأسباب الغامضة لإنسحاب عائلة شومان فتحدث عن قرار فردي بدون ضغوط ووعد بمتابعة البنك لمسيرته المزدهرة ورد على كل الشائعات التي تحدثت عن خلافات بسبب تسهيلات وقروض رفض شومان تمريرها.
المهم برعاية 'أبوية' للدولة الأردنية قضي الأمر وحسمت المسألة.. عائلة شومان طويت صفحتها وتركيبة المجلس الجديد 'موالية تماما' لصبيح المصري الذي أصبح الرمز الأبرز للبنك العربي وقعوار سيبقى 'عينا مخلصة' في الإدارة العليا للحكومة الأردنية وعائلة الحريري أرسلت إشارات بأنها لا ترغب بالمزاحمة ولا تخطط لحل مشكلات ديونها على حساب البنك وذراع الدولة الأردنية القوية في البنك وهي مؤسسة الضمان الإجتماعي تملك حصة مؤثرة من الأسهم وتراقب وتترصد الجميع.
لكن حسم كل الشائعات والتسريبات وهذه الملفات التي بقيت عالقة وحبست معها أنفاس الإقتصاد العربي لأكثر من أسبوع عاصف لم يشمل بعد الإجابة على سؤالين لا يمكن إسقاطهما من الحسابات: ما هي خيارات عائلة شومان بعد التمركز في جنيف مرحليا؟.. وهل كشف صبيح المصري في مؤتمره الصحافي عن كل الحقيقة أم عن جزء منها فقط؟.
بالنسبة لعائلة شومان ستسترخي قليلا في سويسرا حسب مقربين منها يقولون بأن العائلة إستقالت من إدارة البنك العربي الأردني لكنها لا زالت في عمق التجربة حيث يترأس عبد الحميد شومان مجلس إدارة العربي سويسرا الموصوف بأنه من الفروع الأكثر أهمية في مجموعة العربي الدولية وإبنته دينا لازالت عضو في مجلس نفس المؤسسة، الأمر الذي يفسر إختيار العائلة لجنيف كمقرإقامة مؤقت بعد حالة الحرد والإستقالة التي قد تعقبها مرحلة إنطلاق.
هنا ثمة من يقول بأن رسالة عائلة شومان الضمنية أنها ما زالت في التجربة ولم تخرج منها تماما حيث فهم المصري بأن العائلة لا تفكر ببيع حصتها سريعا وبالتالي خياراتها لاحقا مفتوحة أما الروايات المحكية رسميا في السوق اليوم سواء من الحكومة الأردنية أو من المصري ومجموعته فلا زالت قاصرة عن تغطية كل الفراغات في رواية يرى البعض أنها لم تحك تماما بعد ولا زالت تحتفظ بألق بعض أسرارها.
( القدس العربي )