النائب البرايسة يكتب : الأردن فوق كل الرؤى الضيقة والأجندات السياسية
تم نشره الثلاثاء 28 آب / أغسطس 2012 07:28 مساءً
المدينة نيوز - خاص - كتب النائب محمد راشد البرايسه - : إن المشهدَ السياسي الحالي قائمٌ على مجموعةٍ مِن الظواهرِ السلبيةِ المفعمةِ بالتناقضات والاختلالات المرتبطة في شقها الأكبر على خطاباتِ وممارسات ترتكز في غالبيتها على مهاتراتٍ فارغة، ومزايداتٍ لا علاقة لها بمصالح الوطن، ولا بمعالجة قضايا المواطن المصيرية، ولا تلبي حاجياته الآنية، ولا تضيف للحياةِ السياسية شيئاً، ولا تزيد مِن منسوب الديمقراطية، لأنها بكل بساطة، مجرد تجاذبات لإستعراض قوة التأثير على واقع ومشاعر الناس، الأمر الذي يفرز المزيد مِن الاحتقان والانقسام والتشرذم وتشتيت الجهود، وتُنزف الوقت وتُقلّص فرص التوافق وتترك الندوب الغائرة الدائمة في جسد الوطن برمته.
قد يقول قائل أن ما يحصل خلال هذا الحراك السياسي في شقة الحزبي، هو جزء مِن اللعبةِ السياسيةِ، وأن هذا أمر اعتيادي ناتجٌ عن اختلاف وجهات النظر والتوجهات والرؤى التي كثيراً ما تُثري وتُثمر. نقول هذا صحيح إذا ما تمت إدارته بوعي وحكمةٍ وتعقل، وتحكيمٍ للعقل وترويضٍ للنفس، والالتزام بواقع الدولة وظروفها، والسمو بآلياته بأمانة ووطنية. فليس مِن الحكمةِ ولا مِن العقلِ ولا مِن مبادئ العمل السياسي النافع للناس والوطن، العمل على إذكاء الصراعات وخلق حالة من التنافر تحت مسميات "متلونة "، وإجراءات "ملغومة " تُنذر بالانزلاقات الخطيرة التي ينبغي على الجميع التفكير في وضع حدٍ لها وإيجاد مخارجٍ منها والعمل على علاجها أكثر مِن الاندفاع باتجاه تأزيم الأوضاع وتفخيخ الأجواء.
نجزم أننا بحاجة ماسة الى مشروع مجتمعي سياسي يؤدي إلى حالةٍ راقيةٍ مِن الانسجامِ في العملِ والأداء الذي يسمو فوق المصالح الضيقة لأجل مصلحة الوطن والمواطن وقضاياه، وهذه الإجراء ليس بالأمر البسيط ولا الهين، لما يقتضيه مِن توافر الإرادة الجادة، تلك الجدية التي تعني تطابق الأفعال مع الأقوال، فالوقت وقت جَد لا مكان فيه لصراعات الذين يحترفون استغلال الشعارات البراقة ويجيدون ارتداء الأردية الفضفاضة ويستهينون بأمر الشياطين القابعين بعيداً أو قريباً من حدودنا. مما يستدعي الجميع الى وقفةٍ حازمةٍ وحاسمةٍ لمحاولة فهم مجريات الأمور وتداعياتها، حيث أن كل شيءٍ قابلٍ للتنظيمِ والسيطرة وتدارك الأبعاد السلبية لأي موقف أو عمل، بما في ذلك العمل السياسي الذي ينبغي ألا يبقى رهين الصراعات. فالأردن مُلك الجميع وهو فوق كل الرؤى الضيقة والأجندات السياسية، والمشاركة في دفعِ مسيرة تقدمه ونهوضه مسؤولية وطنية كبيرة، وأمانة تاريخية عظيمة ومشتركة تتحملها كافة الأطراف التي يجب أن تلتحم لتوجه كل مجهوداتها نحو التنمية بكافة أشكالها ومجالاتها، وهو أمر مشروع ومحمود العواقب، بل والواجب ألا نتخاذل عنه أو نتهاون فيه، لكن أن نتناحر ويقصي بعضنا البعض، للتفرد بالوطن ونحره، فهو الأمر المستنكر الذي لا يقبله عقل ولا منطق.
جُملة القول وفصله وختامه.. الشعب الأردني لديه مِن الوعي الكافي ومِن الحكمة والحنكة والقدرة على تمييز الغثِ مِن الثمين، ووضع الخطوط الفاصلة بين مَن ينتمون بصدقٍ لتراب هذا الوطن ويذودون عليه بالغالي والنفيس، وبين مَن يزايدون عليه بالكلمة غير المسؤولة، دون تقديرٍ للمخاطرِ والعواقب. وحينئذٍ لن يستطيع أي طرف التنصل مِن التبعات التي ستلاحقه وسوف تحاسبه عليها الأجيال المقبلة.