مستشفى في المفرق.. ذراع الإمارات العربية الحالي!

أثلج صدري امس ما رأيت في المفرق «جوار المحكمة» حين حضرت افتتاح المستشفى الاماراتي الميداني المكون من ثلاثة مستشفيات عامة ومتخصصة أحدهما متحرك والآخران ثابتان وقد وضعا في خدمة اللاجئين السوريين الذين ما زالوا يتدفقون على الأردن بشكل لافت وبزيادة غير متوقعة جعلتهم يتجاوزون الـ (160) ألفاً وهم مرشحون للوصول الى ربع مليون قبل موسم الشتاء في حين يتوقع وزير الداخلية غالب الزعبي ان يصل العدد اذا ما استمر الوضع السوري في انهياره الى أضعاف هذه الارقام..
ما رأيته أمس في المستشفى من امكانيات كبيرة تستحق عليه دولة الامارات العربية الشكر المعلن والمقدر وقد فتحت المستشفى لاستقبال السوريين وحتى الاردنيين من أبناء المفرق وقد رأينا اقبالاً كبيراً يقابله استعداد متزايد حضره وزير الخارجية ووزير الصحة ومجموعة كبيرة من المهتمين الأردنيين فيهم الدكتور موسى بريزات المفوض العام لحقوق الانسان والذي أدار في المركز ورشة اهتمت بتشخيص حالة اللاجئين السوريين .
يتميز مستشفى الامارات عن المستشفيات الاخرى انه في منطقة أفضل كما يتميز باتساعه وتنوع خدماته وتخصصاته ووجود وحدة للرعاية النفسية وملعب أطفال واستقبال متطوعات أردنيات..اللافت في دور الامارات العربية الشقيقة أيضاً ارسالها لمتطوعات من الامارات العربية المتحدة وقفن في الاستقبال وهن أيضاً منخرطات في العناية بالمرضى كممرضات وفي الاهتمام بالاطفال المرّوعين وفي الارشاد النفسي والاجتماعي وهو ما يشعر المرأة العربية بالفخر ..
منظر الفتيات الاماراتيات أثار لدي سؤال مصاحب..لماذا لا تقوم جامعاتنا التي تبلغ الثلاثين بتوجيه متطوعين من طلابها وطالباتها لمخيمات اللاجئين السوريين لمساعدتهم وفي ذلك دروس عملية على تعليم التطوع والصبر والمكابدة والاعتماد على النفس والتضحية وهي دروس عملية يحتاجها طلابنا الذين شكل الفراغ وعقم التعليم والضغوط الاجتماعية لديهم عنفاً زائداً يمكن ان يفرغ ايجابياً بهذه الوسائل الانسانية ليشعر هؤلاء المتطوعون بقيمة أنفسهم وفائدتهم في مجتمعاتهم وينالوا تقدير المجتمع ورضاه..
هذا سؤال مطروح على الجامعات ووزارة التعليم العالي ووزارة التربية في تسيير مجموعات تتعهد الجامعات بنقلها وتخصيص ميزانيات بسيطة لها لتقوم بدورها الانساني الاجتماعي باسم جامعاتنا المختلفة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وفيه دروس عملية على تهذيب النفوس ..
إن الذين لا يعرفون ضرر الفوضى وغياب النظام ويرون في الاضطرابات والعنف تعبيراً عن أنفسهم لا بد أن نريهم أوضاع اللاجئين السوريين وأن يكون لهم من قناعاتهم اعتبارات تجعلهم أكثر حرصاً على بلدهم وأكثر ايماناً بدوره واستقراره ..فبعضهم لا يدرك خطورة ما يدعون اليه من فوضى وأين تقود فإن رأوا اعتبروا!!
من المستشفى الاماراتي انطلقنا الى مخيم الزعتري الذي قفزت الاعداد فيه من تسعة آلاف قبل عشرة أيام الى (22) ألفاً الان وهي في زيادة وقد وجدت في المخيم سفراء سلطنة عمان الشيخ سليم البرعمي والسفير السعودي فهد عبد المحسن الزيد وقد تبدلت أشكالهم تحت الغبار الكثيف الذي كان أمس في حالة إثارة لم يسبق لها مثيل حيث لم نستطع التحمل للساعتين اللتين امضيناهما بين الخيام وسط صراخ واحتجاجات وعذابات اللاجئين الذين شكوا لنا مرّ الشكوى من سوء أوضاعهم وتأخر المساعدات عنهم وخاصة المتعلقة باستبدال الخيام بالكرفانات..
بالكاد كنا قادرين أن نفتح أفواهنا أو عيوننا لنتكلم أو نرى وقد رأينا اطفالاً يسبحون في الرمل ويغرقون فيه وقد غيرت الشمس ألوانهم والوان أمهاتهم المكلومات بفجيعة الرحيل..
السفير العماني كان يشخص أعداد الكرفانات التي قدمتها سلطنة عمان في الموقع وعددها مائة كرفان وأخرى بنفس العدد من الامارات حيث انشغل سفيرها في افتتاح المستشفى واستقبال أكثر من ألف شخص حضروا الافتتاح وأثنوا عليه..وفي مخيم الزعتري أيضاً كان السفير السعودي قد فتح خرائط وطالب بتجهيز مكان لوصول أولى دفعات الكرفانات التي تبرعت بها بلده والتي من المقرر أن تزيد عن ألفي وحدة..
الأردن الذي يبذل فوق طاقته ويتحمل الكثير لم يقل «أخ» في حين قالت تركيا أمس..وهددت بوقف قبول اللاجئين لعدم قدرتها على ذلك..والسؤال هل يبدأ تغيير سوريا من اللاجئين؟وهل تجد دول العالم ضرورة ان يظلوا على أرضهم وأن توفر لهم مناطق آمنة ومعزولة ومحمية؟ هل من هنا يبدأ التغيير؟..إنه سؤال؟! ( الرأي )