غبار البادية حين يصبح وطناً!

.. هو درسٌ، على إخواننا اللاجئين السوريين التعلّم منه. فهذا الغبار الذي يسفي في الوجوه، وهذا اليباس الذي يحوّل الخيمة إلى فرن عالي الحرارة هو: الأردن. ولكن ما على اللاجئ السوري إلا أن ينتقل كيلومترات قليلة من الزعتري حتى يكتشف أن البادية تحوّلت إلى زمردة خضراء يانعة، وقبل إخواننا السوريين هكذا عاش مئات آلاف الفلسطينيين الذين حوّلوا حياتهم إلى ملايين المثقفين، والزراع، والصنّاع، وغامروا في صحارى العرب مدرسين،ومؤسسي بنوك، وأطباء ومهندسين. فحياة اللاجئ ليست سهلة والأردن لم يقدم لأحد دعوة مجانية لفنادق ذات النجوم الخمسة, فهم في الزعتري يستقبلون معونات أكثر مما تستقبل عائلات أردنية كثيرة!!.
نحن نعرف ضيق العائل حين يغادر وطنه إلى المجهول، والصعب، والمخيم بأولاده الصغار. ولكن هذا الضيق هو أيضاً ضيق رجل الأمن، ورجل الاغاثة الأردني، والفرنسي، والمغربي، والإماراتي. لأن الجميع في مخيم واحد. ولكن هذا الضيق يجب أن لا يتحوّل إلى اعتداء وعدوانية على المخيم وحوله. فلا شيء يمنع الأردن من إعادة أي مشاغب إلى بلده، ولا شيء يمنع الأردن من إغلاق حدوده فنحن لسنا متعهدي نكبات.. ولم نحرّض أي لاجئ سوري على نظام بلده، ولم نعده بمخيم خمس نجوم.
نحن جيران، وهذه حدود المسؤولية الأخلاقية، وبلدنا يحتمل عون الجار وليس كفالته، والبركة بحكومة سوريا التي قطعت عنا مياه اليرموك، وبنت 46 سدّاً حتى لا تصل نقطة ماء إلى «سد الوحدة»، وحفرت أكثر من ثلاث آبار ارتوازية لتمنع الينابيع الصغيرة من رفد النهر المشترك، واللاجئون السوريون القادمون من حوران يعرفون أن هذه المياه المغتصبة لا تذهب للشعب السوري، وإنما لمزارع العسكر الحاكمين سعيداً في البلد الشقيق!!.
أمامي أبيات شعر لعظيم الشعر أحمد بن الحسين تقول:
نحن أدرى، وإن سألنا بنجد
أطويل طريقنا أم يطول؟!.
وكثير من السؤال اشتياق
وكثيرٌ من ردّه.. تعليلُ
لا اقمنا على المكان وإن طاب
ولا يمكن المكانَ الرحيلُ.
وسلام على غبار البادية، ويباسها ففي قلوبنا المكان الذي لا يرحل بلاجئيه العرب وغير العرب!.
( الراي )