ما وراء الشراكة بين القطاعين

الشراكة بين القطاعين العام والخاص شعار جذاب ردده الكثيرون سواء كانوا في الحكم أو دوائر الأعمال ، وهم يقصدون به أموراً مختلفة ، ويريدون تمرير مقاصدهم الحقيقية في ظل شعار جميل يأخذه الرأي العام بشكل إيجابي.
أحد المعاني التي تخطر بالبال هو أن يتم اتخاذ القرارات الهامة بالتفاهم والتوافق بين الحكومة وقادة القطاع الخاص من صناعة وتجارة وخدمات بحيث تأتي القوانين مطابقة لمصالح الجانبين.
هذا المفهوم يعني عملياً أن من حق رجال الأعمال وأصحاب المصالح الخاصة أن يشاركوا الحكومة في رسم السياسات وصنع القرارات ، لكن هذا المفهوم يصطدم مع مبدأ الفصل بين الإمارة والتجارة ، خاصة وقد ثبت أن إستيلاء التجار ومدراء البنوك والشركات على المناصب الوزارية أعطى نتائج كارثية وصار الحوار بين القطاع الخاص والقطاع الخاص!.
ومن معاني هذا الشعار أن تحدث المشاركة في إقامة المشاريع بحيث يسهم القطاع الخاص والحكومة في تأسيس شركات إنتاجية ، وهو أسلوب سبق تجربته فنجح مؤقتاً عندما كانت مساهمة الحكومة في شركة ما تعزز الثقة بها ، ثم فشل فشلاً ذريعأً واصبح وجود الحكومة في شركة إيذاناً بسوء إدارتها وتحولها إلى مزرعة للمحاسيب. في هذه الحالة المطلوب ليس المشاركة بل فك الاشتباك بين القطاعين ، فالحكومة تحكم باسم المصلحة العامة ، ورجال الأعمال والمستثمرون يريدون ما يحقق المصالح الخاصة.
يبقى المفهوم الأساسي للشراكة بين القطاعين العام والخاص ، والذي توجد مسودة قانون لتشريعه ، وهو المعنى الحقيقي المقصود بهذه الشراكة. وقد قصد به حماية الهيئة التنفيذية للتخاصية من الحل لانتهاء مهماتها ، وذلك بالبحث عن دور جديد لها هو الإشراف على مشاريع الشراكة بين القطاعين.
بموجب هذه الشراكة تقام مشاريع اقتصادية تكفل الحكومة أرباحها عن طريق الالتزام بشراء منتجاتها أو خدماتها بسعر مجز ، وتغطي خسائرها أو تحول دون حدوثها على أن يقوم القطاع الخاص بتمويلها وتنفيذها وإدارتها وجني ثمارها ، فالمقصود مشاريع مخاطرها على الحكومة أي على دافعي الضرائب ، وأرباحها للمستثمرين الذين لا يتحملون أية مخاطر.
الأمثلة عديدة ومنها شركة الكهرباء المركزية التي لا تتحمل فروقات أسعار المحروقات وتبيع إنتاجها للحكومة بسعر محدد ، ومشروع القطار الخفيف الزرقاء-عمان حيث تتعهد الحكومة بدفع أجور المقاعد الخالية!!.(الرأي)